قوله عز وجل:{مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا} الرزق بكسر الراء: المرزوق، وبفتحها: المصدر، وقد يكون بكسر الراء بمعنى المصدر، فإن أردت المصدر نصبت به {شَيْئًا} على أنه مفعول به، والتقدير: لا يملك أن يرزقهم شيئًا (١)، والفاعل يحذف لدليلٍ الحال عليه، والأصل: ما لا يملك لهم رزقًا هو شيئًا، على أن يكون (هو) فاعل {رِزْقًا} كزيد في قولك: أعجبني ضرب زيد عمرًا.
وإنّ أردت المرزوق كان {شَيْئًا} بدلًا منه، بمعنى: لا يملك لهم رزقًا قليلًا ولا كثيرًا (٢).
أو منصوبًا على المصدر على أن يكون واقعًا موقع ملكًا، كأنه قيل: لا يملك لهم رزقًا ملكًا، على وجه التوكيد، كقوله:{لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}(٣) أي: ضرًا (٤).
وقوله:{مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} من صلة الرزق إن جعلته مصدرًا، أي: من المطر والنبات، وإنْ جعلته مرزوقًا كان في موضع الصفة، أي: كائنًا منهما.
وقوله:{لَا يَسْتَطِيعُونَ} مستأنف، أي: وهم لا يستطيعون، وجُمع على معنى {مَا} بعد ما قيل: {لَا يَمْلِكُ} على اللفظ.
(١) هذا الوجه للفراء ٢/ ١١٠. وهو مذهب الكوفيين كما في إعراب النحاس ٢/ ٢١٨. وبه قال أبو علي الفارسي من البصريين كما في المحرر الوجيز ١٠/ ٢١٢. (٢) هذا الوجه للأخفش ٢/ ٤١٨. وهو مذهب البصريين كما في إعراب النحاس الموضع السابق. (٣) سورة آل عمران، الآية: ١٢٠. (٤) انظر هذا الوجه في الكشاف ٢/ ٣٣٧. والتبيان ٢/ ٨٠٢ - ٨٠٣ أيضًا.