والثاني: أن المعنى: وظن الرسل أنهم كُذِبوا فيما وعدوا به من الإيمان، أي: أن قومهم قد كَذَبوهم فيما وعدوهم به من الإيمان بهم. وهذه آية مشكلة، وقد أوضحتها في الكتاب الموسوم بالدرة الفريدة في شرح القصيدة.
وقرئ:(كَذَبُوا) بفتح الكاف والذال مخففة على البناء للفاعل (١)، على: وظن المُرْسَلُ إليهم أن الرسل قد كَذَبوا، هذا هو الوجه. وقيل: فيه غير هذا (٢).
وقوله:(فَنُنْجِي) قرئ: بنونين وتخفيف الجيم (٣)، من الإنجاء، وهو حكاية حال ماضية، كما أن قوله:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}[النحل: ١٢٤] حكاية حال آتية، لأن الأولى قد كانت، والثانية لم تكن.
وقرئ:(فَنُجِّيَ) على لفظ الماضي المبني للمفعول (٤).
وقرئ: كذلك إلا أن الياء ساكنة (٥)، أسكنت تخفيفًا لثقلها بحركتها وانكسار ما قبلها، تعضده قراة من قرأ:(وَذَرُوا مَا بَقِيْ مِن الرِّبَا)(٦) بإسكان الياء للعلة المذكورة آنفًا، وهو الحسن البصري رَحِمَهُ اللهُ (٧).
(١) هذه قراءة مجاهد كما في معاني النحاس ٣/ ٤٦٤، وإعرابه ٢/ ١٦١. ومختصر الشواذ/ ٦٥/. والكشاف ٢/ ٢٧٨. ونسبت في المحتسب ١/ ٣٥ إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، والضحاك، ومجاهد بخلاف عنهم. وانظر المحرر الوجيز ٩/ ٣٩٢. (٢) انظر الكشاف ٢/ ٢٧٨. (٣) من المتواتر، قرأها أكثر العشرة كما سوف أخرج في القراءة التالية. (٤) هذه قراءة عاصم، وابن عامر، ويعقوب. والباقون على الأولى كما تقدم. انظر السبعة/ ٣٥٢/. والحجة ٤/ ٤٤٤. والمبسوط/ ٢٤٨/. والتذكرة ٢/ ٣٨٢. (٥) نسبها ابن عطية ٩/ ٣٩٥ إلى أبي عمرو، وقتادة. (٦) من البقرة (٢٧٨). (٧) تقدم تخريج قراءته في موضعها.