لِمَنْ جَاءَ مِنْ سَفَرٍ أَو أَرَادَهُ" (١).
وَزَادَ الأَمْرَ بَيَانًا فِعْلُ آلِ بَيتِ النَّبِيِّ ﷺ، كَمَا فِي الأَثَرِ هُنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَينِ ﵀ (٢)، حَيثُ اسْتَدَلَ بِالحَدِيثِ عَلَى المَنْعِ.
وَأَيضًا فِي الأَثَرِ عَنْ سُهَيلِ بْنِ أَبِي سُهَيلٍ؛ قَالَ: رَآنِي الحَسَنُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ القَبْرِ فَنَادَانِي -وَهُوَ فِي بَيتِ فَاطِمَةَ يَتَعَشَّى-، فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى العَشَاءِ، فَقُلْتُ: لَا أُرِيدُهُ، فَقَالَ: مَا لِي رَأَيتُكَ عِنْدَ القَبْر؟! فَقُلْتُ: سَلَّمْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: إِذَا دَخَلْتَ المَسْجِد فَسَلِّمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيثُمَا كُنْتُمْ، لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، مَا أَنْتُمْ وَمَنْ بِالأَنْدَلُسِ إِلَّا سَوَاءٌ)) (٣).
- قَولُهُ: ((لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا)) هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ:
١ - أَي: لَا تَدْفِنُوا فِيهَا؛ فَتَكُونَ مَقْبَرَةً (٤).
(١) الشِّفَا بِتَعْرِيفِ حُقُوقِ المُصْطَفَى (٢/ ٢٠٤).وَكَذَا أَورَدَهُ النَّوَوِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ الإِيضَاحُ فِي مَنَاسِكِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ (ص ٤٥٩).وَكَذَا أَورَدَهُ الشَّيخُ وَهْبَةُ الزُّحَيلِيُّ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ الفِقْهُ الإِسْلَامِيُّ وَأَدِلَّتُهُ (ص ٢٤٠٤) فِي فَقَرَةِ (زِيَارَةِ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَقَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ الفَقَرَةِ العَاشِرَةِ.(٢) وَهُوَ المُسَمَّى بِزَينِ العَابِدِين (ت ٩٤ هـ)، وَيُسمَّى عَليًّا الأَصْغَرَ تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ أَخِيهِ: عَلِيٍّ الأَكْبَرِ الَّذِي تُوُفِّيَ مَعَ أَبِيه ﵏. الأَعْلَام (٤/ ٢٧٧).(٣) رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ قَوِيٌّ كَمَا فِي أَحْكَامِ الجَنَائِزِ (ص ٢٢٠) لِلشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.(٤) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي الفَتْحِ (١/ ٥٣٠): "فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنِ الدَّفْنِ فِي البُيُوتِ مُطْلَقًا. وَاللهُ أَعْلَمُ".=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute