- المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لو قَالَ قَائِلٌ إِنَّ أَحَدَ الأَولِيَاءِ يَعْلَمُ الغَيبَ، فَمَاذَا يُقَالُ لَهُ؟
الجَوَابُ:
نَقُولُ لَهُ: كَذَبْتَ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النَّمْل: ٦٥]،
وَيَقُولُ تَعَالَى أَيضًا: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأَنْعَام: ٥٩].
فَإِنْ قَالَ: إنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي أَطْلَعَهُ عَلَى ذَلِكَ! قُلْنَا لَهُ: أَيضًا كَذَبْتَ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى حَصَرَ ذلِكَ الاطْلَاعَ فِي الرُّسُلِ فَقَط، قَالَ تَعَالَى: ﴿عَالِمُ الْغَيبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَينِ يَدَيهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾ [الجِنّ: ٢٦ - ٢٧] فَيَكُونُ ذَلِكَ إِمَّا كَذِبًا، أَو كِهَانَةً وَتَعَامُلًا مَعَ الجِنِّ.
بَلْ إِنْ حَقِيقَةَ هَذِهِ الدَّعْوَى إِبْطَالُ النُّبُوَّاتِ وَدَعَوَاتِ الأَنْبِيَاءِ، فَاللهُ تَعَالَى جَعَلَ اطِّلَاعَ عِيسَى ﵊ عَلَى شَيءٍ مِنَ الغَيبِ آيَةً عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهَا عِيسَى ﵊، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى عَنْهُ ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عِمْرَان: ٤٩].
مُلَاحَظَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَسْأَلَةِ اطْلَاعِ اللهِ تَعَالَى الرُّسلَ عَلَى الغَيبِ:
- المُلَاحَظَةُ الأُوْلَى:
صَحِيحٌ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُظْهِرُ رُسَلَهُ عَلَى الغَيبِ؛ وَلَكِنَّ الإِظْهَارَ هُوَ اطْلَاعٌ عَلَى شَيءٍ مِنْهُ فَقَط، وَلَيسَ عِلْمًا تَامًّا (١).
(١) وكَقَولِهِ تَعَالَى أَيضًا: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عِمْرَان: ١٧٩].=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute