- الفَصْلُ الرَّابِعُ: شُبُهَاتٌ وَالجَوَابُ عَلَيهَا:
- الشُّبْهَةُ الأُولَى: اسْتِسْقَاءُ عُمَرَ بِالعَبَّاسِ ﵄:
رَوَى البُخَارِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ﵁؛ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِنَبِيِّنَا؛ فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا)، قَالَ: فَيُسْقَونَ (١).
فَيَفْهَمُونَ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ تَوَسُّلَ عُمَرَ ﵁ إِنَّمَا كَانَ بِجَاهِ العَبَّاسِ ﵁ وَمَكَانَتِهِ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ تَوَسُّلَهُ هُوَ مُجَرَّدُ ذِكْرٍ مِنْهُ للعَبَّاسِ فِي دُعَائِهِ؛ وَأَنَّهُ فَقَط طَلَبٌ مِنْهُ للهِ أَنْ يَسْقِيَهُم مِنْ أَجْلِهِ ﵃، وَقَدْ أَقَرَّتْهُ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ! فَأَفَادَ -بِزَعْمِهِم- مَا يَدَّعُونَ.
وَأَمَّا سَبَبُ عُدُولِ عُمَرَ ﵁ عَنِ التَّوَسُّلِ بِالرَّسُولِ ﷺ -بِزَعْمِهِم أَيضًا- وَتَوَسُّلِهِ بَدَلًا مِنْهُ بِالعَبَّاسِ ﵁؛ فَإِنَّمَا كَانَ لِبَيَانِ جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالمَفْضُولَ مَعَ وُجُودِ الفَاضِلِ لَيسَ إِلَّا! أَو لَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ الضَّرِيرِ! (٢)
وَالجَوَابُ (٣):
إِنَّ قَولَ عُمَرَ ﵁ السَّابِقَ: (وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا) فِيهِ تَقْدِيرٌ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ (نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِجَاهِ عَمِّ نَبِيِّنَا) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ (نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِدُعَاءِ عَمِّ نَبِيِّنَا)، وَالصَّوَابُ قَطْعًا هُوَ الثَّانِي، وَذَلِكَ لِعِدَّةِ مُلَاحَظَاتٍ:
(١) البُخَارِيُّ (١٠١٠) عَنْ أنسٍ.(٢) وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ قَرِيبًا.(٣) بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ وَزِيَادَةٍ عَمَّا فِي الأَصْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute