بَابُ قَولِ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الأَعْرَاف: ١٩٠].
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: "اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ اسْمٍ مُعَبَّدٍ لِغَيرِ اللهِ؛ كَعَبْدِ عَمْرِوٍ، وَعَبْدِ الكَعْبَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حَاشَا عَبْدِ المُطَّلِبِ" (١).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: (لَمَّا تَغَشَّاهَا آدَمُ؛ حَمَلَتْ، فَأَتَاهُمَا إِبْلِيسُ، فَقَالَ: إِنِّي صَاحِبُكُمَا الَّذِي أَخْرَجَكُمَا مِنَ الجَنَّةِ، لَتُطِيعَاني أَو لَأَجْعَلَنَّ لَهُ قَرْنَي أَيِّلٍ؛ فَيَخْرُجُ مِنْ بَطْنِكِ فَيَشُقُّهُ، وَلَأَفْعَلَنَّ -يُخَوِّفُهُمَا-، سَمِّيَاهُ عَبْدَ الحَارِثِ. فَأَبَيَا أَنْ يُطِيعَاهُ، فَخَرَجَ مَيِّتًا، ثُمَّ حَمَلَتْ فَأَتَاهُمَا، فَذَكَرَ لَهُمَا، فَأَدْرَكَهُمَا حُبُّ الوَلَدِ؛ فَسَمَّيَاهُ عَبْدَ الحَارِثِ، فَذَلِكَ قَولُهُ: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾). رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (٢).
(١) مَرَاتِبُ الإِجْمَاعِ (ص ١٥٤) لابْنِ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيِّ ﵀.(٢) تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٨٦٥٤).قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (٣/ ٥٢٨) -فِي هَذَا الأَثَرِ عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ ﵁: "وَكَأَنَّهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَصْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَوَاهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -كَمَا رَوَاهُ ابْن أَبِي حَاتِمٍ-: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الجُمَاهِرِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ -يَعْنِي: ابْنَ بَشِيرٍ- عَنْ عُقْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: (لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ أَتَاهَا الشَّيطَانُ، فَقَالَ لَهَا: أَتُطِيعِينَنِي؛ وَيَسْلَمُ لَكِ وَلَدُكِ؟ سَمِّيهِ عَبْدَ الحَارِثِ! فَلَمْ تَفْعَلْ، فَوَلَدَتْ؛ فَمَاتَ! ثُمَّ حَمَلَتْ، فَقَالَ لَهَا مِثْل ذَلِكَ، فَلَمْ تَفْعَلْ، ثُمَّ حَمَلَتِ الثَّالِثَةَ فَجَاءَهَا، فَقَالَ: إِنْ تُطِيعِينِي يَسْلَمُ وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَكُونُ بَهِيمَةً، فَهَيَّبَهُمَا فَأَطَاعَا).وَهَذِهِ الآثَارُ يَظْهَر عَلَيهَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهَا مِنْ آثَارِ أَهْل الكِتَاب، وَقَدْ صَحَّ الحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْل الكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ)).ثُمَّ أَخْبَارُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، فَمِنْهَا مَا عَلِمْنَا صِحَّتَهُ بِمَا دَلَّ عَلَيهِ الدَّلِيلُ مِنْ كِتَابِ اللهِ أَو سُنَّةِ رَسُولِهِ، وَمِنْهَا مَا=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute