- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَلِ الأَولَى لِلإِنْسَانِ إِذَا أُكْرِهَ عَلَى الكُفْرِ أَنْ يَصْبِرَ وَلَو قُتِلَ! أَو يُوَافِقَ ظَاهِرًا؟
الجَوَابُ عَلَى حَالَاتٍ:
١ - إِنْ كَانَ كُفْرًا ظَاهِرًا وبَاطِنًا؛ فَهَذِهِ رِدَّةٌ، وَلَا تَجُوزُ مُطْلَقًا.
٢ - إِنْ كَانَ ظَاهِرًا وَلَيسَ بَاطِنًا -لِلتَّخَلُّصِ مِنَ الإِكْرَاهِ-؛ جَازَ.
وَدَلَّ لَهُ حَدِيثُ عَمَّارِ مَرْفُوعًا وَفِيهِ: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ)) (١).
وَكَذَا قَولُهُ تَعَالَى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عِمْرَان: ٢٨].
قَالَ الإِمَامُ الطَّبَرِيُّ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ: "إِلَّا أَنْ تَكُونُوا فِي سُلْطَانِهِم فَتَخَافُوهُم عَلَى أَنْفُسِكُم؛ فَتُظْهِرُوا لَهُم الوَلَايَةَ بِأَلْسِنَتِكُم، وَتُضْمِرُوا لَهُمُ العَدَاوَةَ، وَلَا تُشَايعُوهُم عَلَى مَا هُم عَلَيهِ مِنَ الكُفْرِ، وَلَا تُعِينُوهُم عَلَى مُسْلِمٍ بِفِعْلٍ" (٢).
(١) فِي مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ (٣٣٦٢): أَخَذَ المُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ ﷺ وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيرٍ، ثُمَّ تَرَكُوهُ، فَلَمَّا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ: ((مَا وَرَاءَكَ؟)) قَالَ: شَرٌّ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تُرِكْتُ حَتَّى نِلْتُ مِنْكَ وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيرٍ! قَالَ: ((كَيفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟)) قَالَ: مُطْمَئِنًا بِالإِيمَانِ. قَالَ: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ)). قَالَ الذَّهَبِيُّ ﵀: "عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ"، وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي (الدِّرَايَةِ) (٢/ ١٩٧): "وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ؛ إِنْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ".وَفِي الإِسْنَادِ كَلَامٌ، وَقَدْ جَزَمَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ بِثُبُوتِ نُزُولِ الآيَةِ فِي عَمَّار لِمَجِيءِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ سَاقَهَا ابْنُ جَرِيرٍ؛ إِلَّا أَنَّ سِيَاقَ الحَدِيثِ فِيهِ نَظَرٌ. يُنْظَرُ: فِقْهُ السِّيرَةِ لِلغَزَالِيِّ (ص ١١١) بِتَحْقِيقِ الشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ ﵀.(٢) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (٦/ ٣١٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute