- المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَا يُذْبَحُ عِنْدَ قُدُومِ الضَّيفِ؛ هَلْ هُوَ مِنَ الشِّرْكِ أَمْ هُوَ جَائِزٌ مِنْ بَابِ الفَرَحِ بِقُدُومِهِ وَالاحْتِفَالِ بِذَلِكَ وَالتَّوسِعَةِ فِي المَأْكَلِ بِسَبَبِهِ؟
الجَوَابُ:
إِنْ كَانَ مِنْ بَابِ إِظْهَارِ التَّعْظِيمِ بِذَبْحِ الدِّمَاءِ لَهُ؛ فَهُوَ شِرْكٌ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الاحْتِفَالِ بِقُدُومِهِ بِالتَّوسِعَةِ فِي المَأْكَلِ؛ فَهُوَ مُبَاحٌ، وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا مِنْ بَابِ إِكْرَامِ الضَّيفِ.
وَعَلَامَةُ كَونِهِ تَعْظِيمًا لَهُ أَمْرَانِ:
١ - أَنَّهُ يَذْبَحُ عِنْدَ قُدُومِهِ أَمَامَهُ، فَيَظْهَرُ بِذَلِكَ التَّعْظِيمُ؛ وَأَنَّ مَا أُرِيقَ مِنَ الدَّمِ فَهُوَ لَهُ (١) (٢).
٢ - أَنَّهُ يُذْبَحُ عِنْدَ قُدُومِهِ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ المَوَاشِي أَكْثَرَ مِمَّا يَلْزَمُ لِإِطْعَامِهِ وَإِطْعَامِ المَوجُودِينَ وَالضُّيُوفِ مَعَهُ، لِذَلِكَ فَبَعْدَ الذَّبْحِ يُرْمَى أَكْثَرُهَا وَلَا يُؤْكَلُ (٣)!
(١) وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَاقِلًا لَا يُرِيقُ الدَّمَ أَمَامَ دَارِهِ وَبَينَ النَّاسِ وَيُعَرِّضُ نَفْسَهُ وَمَنْ حَولَهُ لِلتَّلَطُّخِ بِالدِّمَاءِ وَالدَّوسِ عَلَيهَا! وَلَكِنَّ شَأْنِ الذَّبَائِحِ عَادَةً هُوَ فِي المَطَابِخِ المُجَهَّزَةِ لِذَلِكَ أَوِ الأَحْوَاشِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.(٢) قَالَ الشَّيخُ الزُّحَيلِيُّ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ التَّفْسِيرُ المُنِيرُ (٨/ ٢٥): "لَكِنْ لَو كَانَ الذَّبْحُ بَينَ رِجْلَي القَادِمِ أَو مَرَّ عَلَيهِ مِنْ فَوقِهِ؛ فَلَا يُؤْكَلُ، لِأَنَّهُ ذَبْحٌ أُهِلَّ لِغَيرِ اللهِ بِهِ، أَي ذُكِرَ اسْمُ غَيرِ اللهِ عَلَيهِ".(٣) قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين ﵀ فِي كِتَابِهِ القَولُ المُفِيدُ (١/ ٢١٤): "فَلَو قَدِمَ السُّلْطَانُ إِلَى بَلَدٍ؛ فَذَبَحْنَا لَهُ؛ فَإِنْ كَانَ تَقَرُّبًا وَتَعْظِيمًا؛ فَإِنَّهُ شِرْكٌ أَكْبَرُ، وَتَحْرُمُ هَذِهِ الذَّبَائِحُ، وَعَلَامَةُ ذَلِكَ: أَنَّنَا نَذْبَحُهَا فِي وَجْهِهِ ثُمَّ نَدَعُهَا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute