بَابُ مَا جَاءَ مِنَ التَّغْلِيظِ فِيمَنْ عَبَدَ اللهَ عِنْدَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ؛ فَكَيفَ إِذَا عَبَدَهُ؟!
فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ؛ وَمَا فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَقَالَ: ((أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوِ العَبْدُ الصَّالِحُ، بَنَوا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ)) (١)، فَهَؤُلَاءِ جَمَعُوا بَينَ الفِتْنَتَينِ: فِتْنَةَ القُبُورِ، وَفِتْنَةَ التَّمَاثِيلِ.
وَلَهُمَا عَنْهَا؛ قَالَتْ: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ؛ فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا، فَقَالَ -وَهُوَ كَذَلِكَ-: ((لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ -يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا-، وَلَولَا ذَلِكَ؛ أُبْرِزَ قَبْرُهُ؛ غَيرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا)). أَخْرَجَاهُ (٢).
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ -قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ- وَهُوَ يَقُولُ: ((إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ؛ فَإِنَّ اللهَ قَدْ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَلَو كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ؛ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ)) (٣).
(١) البُخَارِيُّ (٤٣٤)، وَمُسْلِمٌ (٥٢٨).(٢) البُخَارِيُّ (٤٤٤١)، وَمُسْلِمٌ (٥٢٩).(٣) مُسْلِمٌ (٥٣٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute