- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قِصَّةُ العُتْبِيِّ:
ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ (١) قِصَّةً اغْتَرَّ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَهِيَ "أَنَّ العُتْبيَّ (٢) قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فقالَ: السَّلَامُ عَلَيكَ يَا رَسُولَ اللهِ، سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النِّسَاء: ٦٤]. وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَغْفِرًا لِذَنْبِي مُسْتَشْفِعًا بِكَ إِلَى رَبِّي، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
يَا خَيرَ مَنْ دُفنَتْ بِالقَاعِ أَعْظُمُهُ … فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ القَاعُ وَالأَكَمُ
نَفْسِي الفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ … فِيهِ العَفَافُ وَفِيهِ الجُودُ وَالكَرَمُ
ثُمَّ انْصَرَفَ الأَعْرَابِيُّ، فَغَلَبَتْنِي عَينِي، فَرَأَيتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي النَّومِ فَقَالَ: يَا عُتْبيُّ، اِلْحَقِ الأَعْرَابِيَّ فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ".
(١) أَورَدَهَا الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (٢/ ٣٤٧) عَنِ الشَّيخِ أَبِي نَصْرٍ بْنِ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِهِ (الشَّامِلُ)، وَذَكَرَ هَذِهِ الحِكَايةَ النَّوَوِيُّ ﵀ فِي المَجْمُوعِ (٨/ ٢٧٤) وَفِي الإِيضَاحِ (ص ٤٩٨)، وَزَادَ البَيتَينِ التَّالِيَينِ:أَنْتَ الشَّفِيعُ الَّذِي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ … عَلَى الصِّرَاطِ إِذَا مَا زَلَّتِ القَدَمُوَصَاحِبَاكَ فَلَا أَنْسَاهُمَا أَبَدًا … مِنِّي السَّلَامُ عَلَيكُمُ مَا جَرَى القَلَمُوَسَاقَهَا النَّوَوِيُّ بِقَولِهِ: "وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يَقُولُ: مَا حَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنِ العُتْبِيِّ -مُسْتَحْسِنِينَ لَهُ- ثُمَّ ذَكَرَهَا بِتَمَامِهَا"، وَابْنُ كَثِيرٍ هُنَا إِنَّمَا هُوَ نَاقِلٌ لِلْمُنَاسَبَةِ فَحَسْبُ! وَلَمْ يَسْتَحْسِنْهَا! بَلْ نَقَلَهَا كَمَا نَقَلَ بَعْضَ الإِسْرَائِيلِيَّاتِ فِي تَفْسِيرِهِ.(٢) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي ﵀ فِي كِتَابِهِ الصَّارِمُ المُنْكيُّ (ص ٢٥٣): "وَهَذِهِ الحِكَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا -المُعْتَرِضُ- بَعْضُهُم يَرْوِيهَا عَنِ العُتْبِيِّ بِلَا إِسْنَادٍ، وَبَعْضُهُم يَرْوِيهَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ الهِلَالِيِّ، وَبَعْضُهُم يَرْوِيهَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي الحَسَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنِ الأَعْرَابِيِّ، وَقَدْ ذَكَرَهَا البَيهَقِيُّ فِي كِتَابِ (شُعَبِ الإِيمَانِ) بِإِسْنَادٍ مُظْلِمٍ عِنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَوحِ بْنِ يَزِيدَ البَصْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو حَرْبٍ الهِلَالِيِّ … ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute