فَاسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى أُمُورٍ؛ أَهَمِّهَا: جَوَازُ شَدِّ الرَّحَالِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ لِطَلَبِ الاسْتِغْفَارِ وَالشَّفَاعَةِ مِنْهُم!
فَمَا الجَوَابُ عَنْهَا؟
الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ:
١ - أَنَّ هَذِهِ القِصَّةَ سَاقِطَةُ الصِّحَّةِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي ﵀ (١) فِي كِتَابِهِ (الصَّارِمُ المُنْكيُّ): "وَفِي الجُمْلَةِ لَيسَتِ الحِكَايَةُ المَذْكُورَةُ عَنِ الأَعْرَابيِّ مِمَّا تَقُومُ بِهِ الحُجَّةُ، وَإِسْنَادُهَا مُظْلِمٌ، وَلَفْظُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيضًا، وَلَو كَانَتْ ثَابِتَةً لَمْ يَكُنْ فِيهَا حُجَّةٌ عَلَى مَطْلُوبِ المُعْتَرِضِ، وَلَا يَصْلُحُ الاحْتِجَاجُ بِمِثْلِ هَذِهِ الحِكَايَةِ، وَلَا الاعْتِمَادُ عَلَى مِثْلِهَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، وَبِاللهِ التَّوفِيقُ" (٢).
٢ - أَنَّهَا إِنْ صَحَّتْ؛ فَهِيَ صَادِرَةٌ عَنْ أَعْرَابيٍّ مَجْهُولٍ، وَأنَّى يَكُونُ الاسْتِدْلَالُ بِمِثْلِهَا فِي أُمُورِ العَقِيدَةِ (٣).
(١) قَالَ الحَافِظُ السُّيُوطِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ طَبَقَاتُ الحُفَّاظِ (ص ٥٢٤): "الإِمَامُ الأَوحَدُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ الحَاذِقُ الفَقِيهُ البَارِعُ المُقْرِئُ النَّحَوِيُّ اللُّغَوِيُّ ذُو الفُنُونِ؛ شَمْسُ الدِّينِ؛ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الهَادِي المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ؛ أَحَدُ الأَذْكِيَاءِ، (ت ٧٤٤ هـ) ".(٢) الصَّارِمُ المُنْكيُّ (ص ٢٥٣).(٣) أَقُولُ: عَجَبًا لِمَنْ يَرُدُّ أَحَادِيثَ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي العَقِيدَةِ مِمَّا أَورَدَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمُ بِحُجَّةِ أَنَّهَا أَحَادِيثُ آحَادٍ فِي العَقَائِدِ؛ وَيَأْخُذُ بِمَنَامٍ رَآهُ رَجُلٌ مَجْهُولُ الحَالِ عَنْ أَعْرَابيٍّ فِي قِصَّةٍ وَاهِيَةٍ، وَلَكِنْ ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النُّور: ٤٠].وَيَلْزَمُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الاسْتِدْلَالِ بِعَمَلِ الأَعْرَابِيِّ؛ أَنْ يَبُولَ أَحَدُهُم فِي المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ؛=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute