٣ - أَنَّهَا إِنْ صَحَّتْ أَيضًا وَذُكِرَ فِيهَا إِقْرَارُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ؛ فَهِيَ مَا تَزَالُ مَنَامًا، وَلَيسَ مِنْ مَصَادِرِ التَّشْرِيعِ الإِسْلَامِيِّ المَنَامَاتُ -اللَّهُمَّ إِلَّا عِنْدَ غُلَاةِ المُتَصَوِّفَةِ-.
وَصَحِيحٌ أَنَّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ ﷺ فِي المَنَامِ حَقٌّ -كَمَا فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ (١) - وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَرَاهُ عَلَى صُورَتِهِ المَعْرُوفَةِ، وَأَيضًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُحْدِثَ فِي دِينِ اللهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ، لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المًائِدَة: ٣].
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ ﵀: "مَعْنَى الحَدِيثِ: أَنَّ رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَيسَتْ مِنْ أَضْغَاثِ الأَحْلَامِ وَتَلْبِيسِ الشَّيطَانِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِهِ" (٢).
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الفَائِدَةُ مِنْ عُمُومِ الحَدِيثِ؟ يَعْنِي: هَذِهِ الرُّؤْيَةُ مَا دِلَالَتُهَا؟
نَقُولُ: دِلَالَتُهَا -أَيًّا كَانَتْ- فَلَيسَ فِيهَا أَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ أَمْرًا شَرْعِيًّا -لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا- حَيثُ لَمْ تَدُلَّ عَلَيهِ الشَّرِيعَةُ أَصْلًا (٣).
وَاللهُ تَعَالَى أَخْبَرَنَا أَنَّهُ أَكْمَلَ الشَّرِيعَةَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المَائِدَة: ٣]، وَقَالَ ﷺ: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيسَ عَلَيهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) (٤).
=لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحَيحَينِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي المَسْجِدِ!! فَمُجَرَّدُ حُدُوثِ فِعْلٍ لَا يَعني مَشْرُوعِيَّتَهُ؛ وَمِنْ ثُمَّ غَضُّ الطَّرْفِ عَمَّا جَاءَ فِي حَقِّهِ مِنَ السُّنَّةِ!(١) هُوَ حَدِيثُ ((مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَكَوَّنُنِي)). صَحِيحُ البُخَارِيِّ (٦٥٩٦) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.(٢) شَرْحُ مُسْلِمٍ (١/ ١١٥).(٣) كَمَا تَزْعُمُ الصُّوفِيَّةُ فِي الأَحَادِيثِ المَنَامِيَّةِ وَأَحَادِيثِ "حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ رَبِّي"!! وَهِيَ الأَولَى بِهَا أَنْ تَكُونَ "أَوحَى إِلَيَّ شَيطَانِي".(٤) صَحِيحُ مُسْلِمٍ (١٧١٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute