الشَّرْحُ
- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوحِيدِ هُوَ مِنْ جِهَتَينِ:
١ - أَنَّ التَّصْوِيرَ فِيهِ تَرْكٌ لِلأَدَبِ مَعَ اللهِ تَعَالَى.
حَيثُ جَعَلَ المُصَوِّرُ نَفْسَهُ مُضَاهِيًا للهِ تَعَالَى فِي صِفَةِ الخَلْقِ، كَمَا فِي قَولِ المُصَنِّفِ ﵀ فِي المَسَائِلِ: "التَّنْبِيهُ عَلَى العِلَّةِ؛ وَهُوَ تَرْكُ الأَدَبِ مَعَ اللهِ؛ لِقَولِهِ: ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي)) ".
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ: "قَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَولِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأَحْزَاب: ٥٨]: نَزَلَتْ فِي المُصَوِّرِينَ" (١).
٢ - أَنَّ التَّصْوِيرَ هُوَ مِنْ ذَرَائِعِ الشِّرْكِ.
كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَقَالَ: ((أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوِ العَبْدُ الصَّالِحُ؛ بَنَوا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ؛ أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ)) (٢).
- قَولُهُ: ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي)) (مَنْ): اسْمُ اسْتِفْهَامٍ؛ وَالمُرَادُ بِهِ النَّفْيُ؛ أَي: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنَ النَّهْي المَحْضِ.
- قَولُهُ: ((يَخْلُقُ كَخَلْقِي)) الخَلْقُ: يُقْصَدُ بِهِ أَحَدُ مَعْنَيَينِ: التَّقْدِيرُ، وَالفِعْلُ.
(١) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (٦/ ٤٨٠).(٢) البُخَارِيُّ (٤٣٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute