مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- المَسْأَلَةُ الأُولَى: إِذَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ هُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ -كَمَا ثَبَتَ فِي الحَدِيثِ- فَمَا الجَوَابُ عَنِ الأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا النَّهْيُ عَنْ تَفْضِيلِهِ عَلَى غَيرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ؟
الجَوَابُ: إِنَّ سَبَبَ النَّهْي عَن التَّفْضِيلِ بَينَ الأَنْبِيَاءِ -وَهُمْ مُفَضَّلُونَ عَلَى بِعْضٍ شَرْعًا- أَنَّ هَذَا التَّفْضِيلَ إِذَا خَاضَ النَّاسُ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ سَيُفْضِي إِلَى تَنَقُّصِ أَحَدٍ مِنْهُم عَلَيهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وَهَذَا كُفْرٌ، لِذَلِكَ جَاءَ الأَمْرُ بِسَدِّ هَذَا البَابِ.
قَالَ الحَافِظُ البَيهَقِيُّ ﵀: "وَقَولُ اللهِ ﷿: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البَقَرَة: ٢٥٣] يَدُلُّ عَلَى تَفْضِيلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَولُ النَّبِيِّ ﷺ: ((لَا تُفَضِّلُوا بَينَ أَنْبِيَاءِ اللهِ))، وَقَولُهُ: ((لَا تُخَيِّرُوا بَينَ الأنْبِيَاءِ)) إِنَّمَا هُوَ فِي مُجَادَلَةِ أَهْلِ الكِتَابِ عَلَى مَعْنَى الإِزْرَاءِ بِبَعْضِهِمْ؛ فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى فَسَادِ الِاعْتِقَادِ فِيهِمْ وَالإخلَالِ بالوَاجِبِ مِنْ حُقُوقِهِمْ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ المُخَايَرَةُ مِنْ مُسْلِمٍ يُرِيدُ الوُقُوفَ عَلَى الأَفْضَلِ مِنْهُمْ؛ فَلَيسَ هَذَا بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ" (١).
وَتَأَمَّلْ قَولَهُ ﷺ عَنْ يُونُسَ ﵊: ((لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى)) (٢)، فَقَدْ خَصَّ يُونُسَ ﵊ بِهَذَا القَولِ لِمَا يُخْشَى عَلَى مَنْ سَمِعَ قِصَّتَهُ أَنْ يَقَعَ فِي نَفْسِهِ تَنَقُّصٌ لَهُ، فَبَالَغَ ﷺ فِي ذِكْرِ فَضْلِهِ لِسَدِّ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ (٣).
(١) دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ (٣/ ٧٧).(٢) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٣٣٩٥) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا.(٣) وَمِثْلُهُ حَدِيثُ: ((المِرَاءُ فِي القَرْآنِ كُفْرٌ)). صَحِيحٌ، أَبُو دَاوُدَ (٤٦٠٣) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٦٦٨٧).=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute