الشَّرْحُ
- هَذَا البَابُ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الأَبْوَابِ السَّابِقَةِ فِي بَيَانِ مُكَمِّلَاتِ التَّوحِيدِ، وَبَيَانِ الأَدَبِ الأَكْمَلِ مَعَ الله ِتَعَالَى، وَذَلِكَ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِ الأَلْفَاظِ الَّتِي يَكُونُ الأَولَى فِيهَا إِطْلَاقَهَا عَلَى اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، فَيَكُونُ نَهْيًا عَنِ التَّطَاوُلِ فِي الأَلْفَاظِ، كَمَا فِي لَفْظِ مُسْلِمٍ: ((لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي! كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي)).
- النَّهْيُ فِي هَذَا الحَدِيثِ هُوَ لِلكَرَاهَةِ وَلَيسَ لِلتَّحْرِيمِ، وَقَد أَورَدَهُ البُخَارِيُّ ﵀ فِي صَحِيحِهِ وَأَرْفَقَ مَعَهُ فِي التَّبْوِيبَ مَا يَدُلُّ عَلَى الكَرَاهَةِ فَقَط (١).
- فِي الحَدِيثِ الإِرْشَادُ إِلَى إِطْلَاقِ لَفْظِ (سَيِّدِكَ) وَ (سَيِّدِي) وَ (مَولَايَ) عِوَضًا عَنْ (رَبِّكَ) وَ (رَبِّي) لِلمَالِكِ رُغْمَ أَنَّ المَقْصُودَ وَاحِدٌ! وَلَكِنْ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ لَفْظَةِ (الرَّبِّ) عَلَى اللهِ وَحْدَهُ؛ كَانَ الأَولَى عَدَمَ إِطْلَاقِهَا عَلَى الخَلْقِ.
وَالنَّهيُ هُنَا -كَمَا سَيَأْتِي- هُوَ لِلكَرَاهَةِ، وَلَكِنَّ إِطْلَاقَ لَفْظِ (الرَّبِّ) عَلَى البَشَرِ هَكَذَا مُفْرَدًا دَونَ إِضَافَةٍ هُوَ لِلتَّحْرِيمِ، لِأَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَ فَإِنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ الرَّبُّ أَصْلًا، فَـ (الـ)
(١) البُخَارِيِّ (٣/ ١٣٩): بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَقَولِهِ: عَبْدِي أَو أَمَتِي، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النُّور: ٣٢]، وَقَالَ: ﴿عَبْدًا مَمْلُوكًا﴾ [النَّحْل: ٧٥]، وَ ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يُوسُف: ٢٥]، وَقَالَ: ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النِّسَاء: ٢٥]، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ)) وَ ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يُوسُف: ٤٢] عِنْدَ سَيِّدِكَ، وَ ((مَنْ سَيِّدُكُمْ؟)).حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ؛ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيدِ اللهِ؛ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ: ((إِذَا نَصَحَ العَبْدُ سَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ؛ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَينِ)).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute