التَّعْرِيفِ هُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الاسْتِغْرَاقِ، وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ إِلَّا جَنَابَ اللهِ تَعَالَى.
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ ﵀: "قَالَ العُلَمَاءُ: لَا يُطْلَقُ الرَّبُّ -بِالأَلِفِ وَاللَّامِ- إِلَاّ عَلَى اللهِ تَعَالَى خَاصَّةً، فَأَمَّا مَعَ الإِضَافَةِ فَيُقَالُ: رَبُّ المَالِ، وَرَبُّ الدَّارِ، وَغَيرُ ذَلِكَ. وَمِنْهُ قَولُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ضَالَّةِ الإِبِلِ: ((دَعْهَا حتَّى يَلْقاهَا رَبُّهَا)) " (١).
- وَأَيضًا فِي الحَدِيثِ الإِرْشَادُ إِلَى إِطْلَاقِ لَفْظِ (غُلَامِي) وَ (فَتَايَ) عِوَضًا عَنْ (عَبْدِي) وَ (أَمَتِي) لِلمَمْلُوكِ رُغْمَ أَنَّ المَقْصُودَ وَاحِدٌ! وَلَكِنْ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ لَفْظَةِ العُبُودِيَّةِ عَلَى التَّأَلُّهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى؛ كَانَ الأَولَى عَدَمَ إِطْلَاقِهَا إِلَّا بِقَصْدِ التَّعَبُّدِ للهِ تَعَالَى.
- قَولُهُ: ((سَيِّدِي)) السِّيَادَةُ فِي الأَصْلِ عُلُوُّ المَنْزِلَةِ، لِأَنَّهَا مِنَ السُّؤْدُدِ وَالشَّرَفِ وَالجَاهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالسَّيِّدُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ؛ مِنْهَا: المَالِكُ، وَالزَّوجُ، وَالشَّرِيفُ المُطَاعُ.
- قَد ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّ النَّهيَ هُنَا لِلتَّحْرِيمِ وَلَيسِ لِلكَرَاهَةِ، وَأَجَابُوا عَنِ الأَدِلَّةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الرَّبِّ مُضَافًا إِلَى المَخْلُوقِ -وَالعُبُودِيَّةِ مُضَافَةً إِلَى الغُلَامِ-؛ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلِنَا، وَأَمَّا فِي شَرْعِنَا فَقَد نُهِيَ عَنْهُ، وَعَلَيهِ يَكُونُ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ.
قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ ﵀: "فَإِنْ قِيلَ: لَا رَيبَ أَنَّ يُوسُفَ سَمَّى السَّيِّدَ رَبًّا فِي قَولِهِ: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ وَ ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا كَانَ جَائِزًا فِي
(١) الأَذْكَارُ (ص ٣٦٣).قُلْتُ: وَالحَدِيثُ الأَخِيرُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٩١)، وَمُسْلِمٌ (١٧٢٢) عَنْ زَيدِ بْنِ خَالِدٍ مَرْفُوعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute