- المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ النَّهْي صُوَرُ مَا لَهُ رَأْسٌ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَعِيشُ حَقِيقَةً فِي الخَارِجِ؛ كَالصُّوَرِ الخَيَالِيَّةِ وَالصُّوَرِ النِّصْفِيَّةِ؟
الجَوَابُ: إِنَّ هَذَا التَّفْرِيقَ لَا دَلِيلَ عَلَيهِ، بَلْ يَبْقى مَا سَلَفَ مَشْمُولًا بِالنَّهْي، وَبَيَانُ ذَلِكَ هُوَ مِنْ وَجْهَينِ:
١ - أَنَّ الأَصْلَ فِي تَحْرِيمِ الصُورَةِ بَقَاءُ الرَّأْسِ، فَحَتَّى لَو كَانَتِ الصُورَةُ مِمَّا لَا يَعِيشُ حَقِيقَةً أَو صُورَةً نِصْفِيَّةً -كَأَعْلَى البَدَنِ، أَوِ الوَجْهِ- فَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَدَلَّ لِذَلِكَ الحَدِيثُ: ((الصُورَةُ الرَّأْسُ؛ فَإِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ فَلَا صُورَةَ)) (١).
٢ - أَنَّهُ قَدْ جَاءَ تَحْرِيمُ بَعْضٍ مِمَّا سَلَفَ مِنَ الأَمْثِلَةِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: (قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا (٢) فِيهِ الخَيلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ؛ فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ) (٣)، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيسَ فِي الطَّبِيعَةِ المَحْسُوسَةِ عِنْدَنَا خَيلٌ بِجَنَاحَينِ (٤)!
(١) صَحِيحٌ. الإسْمَاعِيلِيُّ فِي مُعْجَمِهِ (٢/ ٦٦٢) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (١٩٢١).وَكَحَدِيثِ: ((فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي البَيتِ يُقْطَعُ؛ فَيَصِيرُ كَهَيئَةِ الشَّجَرَةِ)) وَقَدْ سَبَقَ. صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٤١٥٨) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٣٥٦).(٢) قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ ﵀ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (١٤/ ٨٧): "الدُّرْنُوكُ: سِتْرٌ لَهُ خَمْلٌ".(٣) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٥٩٥٥)، وَمُسْلِمٌ (٢١٠٧) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.(٤) وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ؛ فَإنَّهُ فِي الحَدِيثِ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ أَعْرَابِيٌ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنّي أُحِبُّ الخَيلَ! أَفِي الجَنَّةِ خَيلٌ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((إِنْ أُدْخِلْتَ الجَنَّةَ؛ أُتِيتَ بِفَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ لَهُ جَنَاحَانِ فَحُمِلْتَ عَلَيهِ، ثُمْ طَارَ بِكَ حَيثُ شِئْتَ)). صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٥٤٤) عَنْ أَبي أَيُّوبٍ. الصَّحِيحَةُ (٣٠٠١).وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂؛ قَالَتْ: (قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَو خَيبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute