مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- المَسْأَلَةُ الأُولَى: مَا وَجْهُ التَّوفِيقِ بَينَ مَا اتَّفَقَ عَلَيهِ أَهْلُ العِلْمِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ التَّسْمِيَةِ بِاسْمٍ مُعَبَّدٍ لِغَيرِ اللهِ تَعَالَى مَعَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَولِهِ ﷺ عَنْ نَفْسِهِ: ((أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ؛ أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ)) (١)، وَمِثْلِ قَولِهِ ﷺ فِي الحَدِيثِ: ((تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ)) (٢)؟
الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ:
١ - قَولُهُ ﷺ عَنْ نَفْسِهِ: ((أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ؛ أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ)) هَذَا لَيسَ مِنْ بَابِ إِنْشَاءِ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الإِخْبَارِ بِالاسْمِ الَّذِي عُرِفَ بِهِ المُسَمَّى دُونَ غَيرِهِ، وَالإِخْبَارُ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ تَعْرِيفِ المُسَمَّى لَا يَحْرُمُ، فقد كَانَ الصَّحَابَةُ يُنَادُونَ بَني عَبْدِ شَمْسٍ وَبَني عَبْدِ الدَّارِ بِأَسْمَائِهِم وَلَا يُنْكِرُ عَلَيهِمُ النَّبِيُّ ﷺ، لِذَلِكَ نَقُولُ: بَابُ الإِخْبَارِ أَوسَعُ مِنْ بَابِ الإِنْشَاءِ (٣).
٢ - أَنَّ النِّسْبَةَ فِي قَولِهِ: ((أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ)) لَيسَتْ نِسْبَةَ عُبُودِيَّةٍ وَتَشْرِيكٍ بِاللهِ الخَالِقِ العَظِيمِ! وَإِنَّمَا هِيَ نِسْبَةُ رِقٍّ وَتَبَعِيَّةٍ -كَمَا سَبَقَ-.
٣ - أَنَّ قَولَهُ ﷺ: ((تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ)) لَيسَ مِنْ بَابِ التَّسْمِيَةِ، وَلَكِنْ مِنْ بَابِ
(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢٨٦٤) عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَرْفُوعًا.(٢) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢٨٨٧) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.(٣) بَلْ وَفِي الحَدِيثِ: قَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ أَنْزَلَ اللهُ ﷿: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ قَالَ: ((يَا مَعْشَرَ قُرَيشٍ -أَو كَلِمَةً نَحْوَهَا- اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ؛ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيئًا)). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٤٧٧١)، وَمُسْلِمٌ (٢٠٦) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا، فَفِي هَذَا الحَدِيثِ نِدَاءُهُ إِيَّاهُم بِـ (بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute