الوَصْفِ بِمَا يُذَمُّ عَلَيهِ صَاحِبُهُ، وَمَعْنَى العُبُودِيَّةِ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ المَوصُوفَ قَد جَعَلَ الأَجْرَ الدُّنْيَوِيَّ مُبْتَغَاهُ دُونَ الأَجْرِ الأُخْرَوِيِّ.
تَنْبِيهٌ وَتَعْلِيقٌ عَلَى قَولِ ابْنِ حَزْمٍ ﵀: "حَاشَا عَبْدَ المُطَّلِبِ"!
قَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ ﵀ -مُتَعَقِّبًا ابنَ حَزْمٍ-: "وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ أَبِي مُحَمَّدٍ بْنِ حَزْمٍ ذَلِكَ بِعَبْدِ المْطَّلِبِ خَاصَّةً! فَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ يُسَمُّونَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي عَبْدِ الدَّارِ بِأَسْمَائِهِمْ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيهِمُ النَّبِيُّ ﷺ، فَبَابُ الإِخْبَارِ أَوسَعُ مِنْ بَابِ الإِنْشَاءِ، فَيَجُوزُ مَا لَا يَجُوزُ فِي الإِنْشَاءِ" (١).
وَقَدْ عَلَّقَ الشَّيخُ ابْنُ بَازٍ ﵀ عَلَى تَعْقِيبِ ابْنِ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى؛ فَقَالَ: "فِي هَذَا التَّعْقِيبِ نَظَرٌ، لِأَنَّ مَقْصُودَ ابْنَ حَزْمٍ جَوَازُ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ المُطَّلِبِ لِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ لَمْ يُغَيِّر اسْمَ ابْنَ عَمَّهِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَلَيسَ مَقْصُودُهُ مَنْعَ الإِخْبَارِ بِالأَسْمَاءِ المُعَبَّدَةِ لِغَيرِ اللهِ سِوَى عَبْدِ المُطَّلِبِ! لِأَنَّ هَذَا لَا حَرَجَ فِيهِ، وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَينَ أَهْلِ العِلْمِ فِي جَوَازِهِ لِوُرُودِهِ فِي الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَعَنْ أَصْحَابِهِ ﵃. وَاللهُ وَلِيُّ التَّوفِيقِ" (٢).
وَقَالَ ﵀ أَيضًا: "حَاشَا عَبْدَ المُطَّلِبِ: لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ النَّهْيِ، لِأَنَّ الرَّسُولَ ﷺ أَقَرَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ، وَمِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ المُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ، لِأَنَّ الأَصْلَ فِيهِ أَنَّهُ تَعْبِيدٌ بِالعِتْقِ وَالرِّقِّ، وَسَمَّوهُ عَبْدَ المُطَّلِبِ -وَاسْمُهُ شَيبَةُ بْنُ هَاشِمٍ-، لِأَنَّهُم ظَنُّوهُ
(١) تُحْفَةُ المَودُودِ (ص ١١٤).(٢) أَفَادَهُ الشَّيخُ فَهْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّومِيُّ فِي تَحْقِيقِ رِسَالَةِ (تَفْسِيرُ الفَاتِحَةِ) (ص ٤٥) لِلشَّيخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ ﵀ -بِتَقْدِيمِ الشَّيخِ ابْنِ بَازٍ-.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute