- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَلْ يَصِحُّ قَولُ مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ الكَونِيَّةِ (غَيرِ الشَّرْعِيَّةِ) بِقَولِهِ: (اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ)؟
الجَوَابُ: لَا يَصِحُّ، وَذَلِكَ لِأَمْرَينِ:
١ - وَفَاةُ النَّبِيِّ ﷺ وَانْقِطَاعُهُ عَنْ عِلْمِ الدُّنْيَا اليَومَ (١).
٢ - أَنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ -مِنْ جِهَةِ العِلْمِ- عَنْ سَائِرِ النَّاسِ فِي حَيَاتِهِ أَصْلًا هُوَ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ وَلَيسَ أُمُورَ الدُّنْيَا (٢).
(١) وَفِي حَدِيثِ الوُرُودِ عَلَى الحَوضِ؛ أَنَّهُ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: ((إنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثوا بَعْدَكَ)). رَوَاهُ أَبُو هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (٦٥٨٦)، وَمُسْلِمٌ (٢٤٧).وَمِثْلُهُ قَولُهُ تَعَالَى عَنْ عَيسَى ﵊: ﴿وَكُنْتُ عَلَيهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ﴾ [المَائِدَة: ١١٧].(٢) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٢٣٦٣): بَابُ وُجُوبِ امْتِثَالِ مَا قَالَهُ شَرْعًا دُونَ مَا ذَكَرَهُ ﷺ مِنْ مَعَايِشِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ الرَّأْي -عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا- وَفِيهِ: ((أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ)).وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ أَيضًا (٢٣٦١) عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ ﵁؛ قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِقَومٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ، فَقَالَ: ((مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟)) فَقَالُوا: يُلَقِّحُونَهُ، يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الأُنْثَى فَيَلْقَحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيئًا!))، قَالَ: فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِذَلِكَ فَقَالَ: ((إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ؛ فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا، فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللهِ شَيئًا فَخُذُوا بِهِ؛ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ ﷿).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute