مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- المَسْأَلَةُ الأُولَى: كَيفَ يَكُونُ لِلْعِبَادِ حَقٌّ عَلَى اللهِ تَعَالَى؛ وَهُوَ الَّذِي أَوجَدَهُم؟
الجَوَابُ مِنْ جِهَتَينِ:
١ - أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الحَقَّ وَلَمْ يُوجِبْهُ عَلَيهِ أَحَدٌ، وَاللهُ تَعَالَى يَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهِ مَا يَشَاءُ مِمَّا اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ وَرَحْمَتُهُ، وَكَذَا يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ (١)، وَكَذَا يُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِهِ (٢).
٢ - أَنَّ هَذَا الحَقَّ هُوَ حَقُّ تَفَضُّلٍ وَلَيسَ حَقَّ مُقَابَلَةٍ (٣)! كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى عَنْ جَزَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا﴾ [النَّبَأ: ٣٦] فَجَزَاهُمُ اللهُ تَعَالَى الأَجْرَ الكَثِيرَ عَلَى العَمَلِ القَلِيلِ (٤).
(١) كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأَنْعَام: ١٢].وَكَمَا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ (٧٤٠٤) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ: ((لَمَّا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ -وَهُوَ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى العَرْشِ- إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي)).(٢) كَمَا فِي حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ المَرْفُوعُ القُدُسِيُّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي)). مُسْلِمٌ (٢٥٧٧).(٣) وَاسْتِحْقَاقُ المُقَابَلَةِ هُوَ كَإِعْطَاءِ أُجْرَةِ الأَجِيرِ المُسَاوِيَةِ لِقِيمَةِ عَمَلِهِ، أَمَّا لَو جُعِلَ لِلأَجِيرِ أَلْفُ ضِعْفٍ -مَثَلًا- لِقَاءَ عَمَلِ يَومٍ وَاحِدٍ؛ فَهُوَ اسْتِحْقَاقُ تَفَضُّلٍ.(٤) وَفِي البُخَارِيِّ (٦٤٦٣)، وَمُسْلِمٍ (٢٨١٦) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا ((لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ))، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((وَلَا أَنَا؛ إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ)).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute