٢ - أَي: لَا تُعَطِّلُوهَا عَنِ العِبَادَةِ؛ فَتَجْعَلُوهَا كَالمَقَابِرِ لَا يُصَلَّى فِيهَا! لِأَنَّ المَقْبَرَةَ لَا يُصَلَّى فِيهَا، لِذَلِكَ قَالَ: ((صَلُّوا فِي بُيُوتِكُم)) (١).
٣ - أَي: لَا تَجْعَلُوهَا كَالمَقَابِرِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ فِيهَا، لِأَنَّ المَقْبَرَةَ لَا يُقْرَأُ فِيهَا القُرْآنُ.
وَفِي الحَدِيثِ ((لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ؛ إِنَّ الشَّيطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ)) (٢).
- قَولُهُ: ((وَصَلُّوا عَلَيَّ)) أَي: قُولُوا: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ"، وَصَلَاةُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ: هِيَ ثَنَاؤُهُ عَلَيهِم عِنْدَ المَلَائِكَةِ (٣).
وَأَمَّا صَلَاةُ المَلَائِكَةِ عَلَى المُسْلِمِينَ: فَهِيَ الاسْتِغْفَارُ (٤) وَالتَّبْرِيكُ.
=قُلْتُ: وَعَلَيهِ فَلَا يَجُوزُ أَيضًا السَّكَنُ بَينَ القُبُورِ، وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كُونُهَا وَقْفًا.قَالَ الشَّيخُ ابْنُ بَازٍ ﵀ فِي الفَتَاوَى (١٣/ ٣٥٦) فِي جَوَابِ سُؤَالٍ حَولَ السُّكْنَى فِي المَقْبَرَةِ: "وَهَذَا مُنْكَرٌ وَإِهَانَةٌ لِلقُبُورِ، وَإِذَا صَلَّوا عِنْدَهَا فَصَلَاتُهُم بَاطِلَةٌ، وَالجُلُوسُ عِنْدَ القُبُورِ بِالصُّورَةِ المَذْكُورَةِ وَالصَّلَاةُ عِنْدَهَا مِنَ المُنْكَرَاتِ".(١) مُسْلِمٌ (٧٧٧) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.قُلْتُ: وَلَا يَصِحُّ القَولُ بِأَنَّ المَعْنَى: لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُم كَالقُبُورِ: أَي: بِأَنْ تَكُونُوا كَالأَمْوَاتِ في القُبُورِ؛ فَإِنَّهُم لَا يُصَلُّونَ! وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي البَرْزَخِ ثَابِتَةٌ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ.(٢) مُسْلِمٌ (٧٨٠) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.(٣) صَلَاةُ اللهِ عَلَى عَبْدِهِ لَيسَتْ هِيَ الرَّحمةُ! وَذَلِكَ لِأَثَرِ أَبِي العَالِيَةِ الآتِي، وَلِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البَقَرَة: ١٥٧] فَالعَطْفُ يَقْتَضِي المُغَايَرَةَ.(٤) كَمَا فِي البُخَارِيِّ (٤٤٥)، وَمُسْلِمٍ (٦٤٩) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا: ((المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ -مَا لَمْ يُحْدِثْ- تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ)).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute