قال العلَّامةُ السَّعديُّ ﵀: "أمَّا بعدُ؛ فإنَّ دينَ الإسلام الذي جاء به محمدٌ ﷺ أكملُ الأديان وأفضلُها، وأعلاها وأجَلُّها، وقد حوى مِن المحاسن والكمال والصلاح والرحمة والعدل والحكمة، ما يشهدُ لله تعالى بالكمال المطلق وسعة العلم والحكمة، ويشهدُ لنبيِّه ﷺ أنه رسولُ الله حقًا، وأنه الصادقُ المصدوقُ الذي لا ينطق عن الهوى ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٤].
وغرضي مِن هذا التعليق إبداءُ ما وَصَلَ إليه عِلمي مِن بيان أصولِ محاسنِ هذا الدِّين العظيم؛ فإني وإنْ كان علمي ومعرفتي تقصر كل القصور عن إبداء بعضِ ما احتوى عليه هذا الدِّين مِن الجلال والجمال والكمال، وعبارتي تضْعُف عن شرحه على وجه الإجمال -فضلًا عن التفصيل في المقال-، وكان ما لا يُدرك جميعُه ولا يوصلُ إلى غايته ومعظمِه؛ فلا ينبغي أنْ يُتركَ منه ما يعرفه الإنسانُ لعجزه عما لا يعرفه؛ فـ ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، وذلك أنَّ في معرفة هذا العلم فوائدَ متعددةً، منها:
١ - أنَّ الاشتغالَ في هذا الموضوع -الذي هو أشرفُ المواضيع وأجلُّها- مِن أفضل الأعمال الصالحة، فمعرفتُه والبحث عنه والتفكير فيه وسلوك كل طريق يحصل إلى معرفته خيرُ ما شَغَلَ العبدُ به نفسَه، والوقتُ الذي تُنفقه في ذلك هو الوقتُ الذي لك لا عليك.