ومِن هذا الباب جميعُ الرخص في الشريعة، ومِن السماحة عدمُ المؤاخذة في حالة النسيان أو الخطأ أو الإكراه، وقد كان إصرًا على مَن كانوا قبلنا؛ فحَطَّ اللهُ عنَّا.
ففي الحديث:«عُفِيَ لِي عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»(١)، ومفهوم "عُفِيَ لي" أنه لم يُعْفَ لغيره.
كما أُعطيَ ﷺ خمسًا لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ قبْله، كما في الحديث «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً؛ وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ»(٢) فقد خُصَّ بما لم يُخَصَّ به غيرُه ﷺ وعليهم أجمعين.
وفي قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٨٥، ٢٨٦] فيقول اللهُ تعالى عند كل دعاء: «قَدْ فَعَلْتُ»(٣) " (٤).
(١) صحيح. وهو بلفظ "إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي"، رواه ابن ماجه (٢٠٤٣)، والبيهقي في الكبرى (١٥٠٩٤) من حديث ابن عباس ﵁ مرفوعًا. صحيح الجامع (١٧٣١). (٢) صحيح البخاري (٤٣٨) من حديث جابر ﵁ مرفوعًا. (٣) صحيح مسلم (١٢٦) من حديث ابن عباس ﵄. (٤) محاسن الشريعة ومساوئ القوانين الوضعية لعطية سالم (ص ٢٩).