الفصل العاشر: نُبَذٌ ونماذجُ مِن جاهلية القوانين الوضعيَّة
"أمَّا الدماءُ؛ فالقوانين لا تعرف ديَّة! ولكنْ تجعلُ تعويضًا للورثة بحسب ما فاتهم بموت مورثهم، فإنْ كان جامعيًّا مثلًا كطبيب أو مهندس حكمتْ له -وعلى سبيل الواقع فعلًا- بخمس وثلاثين ألف ليرة (١)، وإنْ كان دونَ ذلك -كطالب في كلية الصيدلة- حكمتْ لورثته بخمسة عشر ألفًا!
وإنْ كان عاملًا عاديًّا حكمتْ له بخمسة آلاف ليرة!
فتضعُ الإنسانَ موضعَ السلع، ومساومٌ عليه!
بينما الشريعةُ جعلتْ ديَّةَ الغني والفقير والشريف والوضيع سواء ولم تفرقْ، بل إنها تُضاعَف الدِّيَة في الأشهر الحُرُم، وفي الحَرَم، والمحارم.
أمَّا العقلُ؛ فلم تتعرض لحمايته، فالخمرُ مباحة، ولا عقاب على المسكر! إلَّا إذا سَكِرَ ووُجِدَ معربدًا في المجتمعات العامة!
أما النَّسَبُ والعِرض؛ فإنه لا يدخل في ارتكاب فاحشة الزِّنَا ولا اللواط إلَّا في حالة الإكراه أو صِغَرِ السِّنِّ أو عند شكوى مَن له الحق، أو كانتِ الجريمة مع ذات مَحرم منه (مادة ٣٨٥) قانون عقوبات، والذين لهم الحقُّ هما الزوجان في حالة وقوع الزِّنَا على فراش الزوجين! أو بالإكراه خارجَ البيت، أو لولي المرأة غير المتزوجة إنْ كان مِن الطبقة الثالثة ومَن عداهما، وفيما عدا ذلك تنصُّ القوانين أنْ لا حقَّ لأحدٍ في إثارة دعوى الزِّنَا إنْ كان بالتراضي بين الطرفين!