"قد أَمَرَ اللهُ تعالى بالعدل مع العدو والصديق، وحرَّم الظلمَ على نفسه، وجعله مُحَرَّمًا بين عباده، وأمر بالأمانة والصدق، وحرَّم الخيانة، وأمر ببرِّ الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء، والمشاركة في الأعمال الخيرية.
ومِن سُنَنِ الله الكونية أنَّ العدلَ أساسُ كل شيء، لا يستقيم أيُّ أمر بدونه، فالسموات والأرض قامتَا على العدل، ومعنى ذلك محسوس لدى علماء الفلك والفيزياء، ومنه أنَّ اللهَ سبحانه يمسك السماء والأرض وما بينهما بنظام عظيم مُحْكَم وهو الجاذبية الهائلة التي لا تتغير ولا تضطرب، فهي العُمدُ التي لا نراها، وجعل الأرض مسخرة ذلولًا يعيش عليها العباد، ويأكلون مما تُنْبِتُه، وسَخَّرَ الشمس والقمر والنجوم تَسْبح في أفلاك يتمتع العباد بها، ويعرفون بها السنين والحساب، ويهتدون بها في ظلمات البرِّ والبحر، ويستضيئون بالشمس ويستدفئون بها، وتصلح بها معايشهم.
والعدلُ أساسُ الملك، ولذا مِن سُنَّةِ الله تعالى أنَّ حُكْمَ الحاكم العدل يدوم ولو كان كافرًا.
والحاكم المسلم العدل هو الذي يحكم بما أنزل الله، وهو الذي لا يظلم الناس، ويعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، ولا يدوم الحكم للحاكم الظالم -وإنْ كان مسلمًا-، بل إنَّ الله ينزعه منه، هذا في الدنيا، وفي الآخرة قد توعده الله بالنار - أعاذنا الله منها-.