وأما قولُ بعضهم بأنَّ تحقيقَ العدل بين الزوجات مستحيلٌ، وربما استدلوا على ذلك بجزء من آية: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ [النساء:١٢٩]!
فجوابُه: إنَّ المرادَ بالعدل المستحيل هو عدلُ القلب والميل النفسي؛ لذلك فلا ينبغي أنْ يَطغى هذا الميل فيؤثر في العدل المادي -الذي هو المستطاع-! ولذلك تجد تتمة الآية الكريمة ترشد إلى هذا، فقال سبحانه: ﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ [النساء: ١٢٩].
وقد حذَّر النَّبِيُّ ﷺ الزوجَ من الجور والظلم؛ فقال ﷺ قال:«مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى؛ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ»(٢).
٥ - أنَّ تعددَ الزوجات فيه حَدٌّ مِن انتشار ظاهرة العُنُوسة، وذلك لما هو معلوم من أنْ أعدادَ الرجال أقلُّ من أعداد النساء في العالم بشكل ملحوظ، وهذا معلوم بسبب الحروب، وكثرة سفرهم وتعرضهم للمخاطر عند طلب الرزق، وحوادث السير، ولما هو معلوم طبيًّا من مقاومة جسد المرأة للمرض أكثر من الرجل.
فاللهُ سبحانه "أجرى العادةَ بأنَّ الرجالَ أقلُّ عددًا من النساء في أقطار الدنيا، وأكثرُ تعرضًا لأسباب الموت منهن في جميع ميادين الحياة؛ فلو قَصَر الرجل على واحدة؛ لبقي عددٌ ضخمٌ من النساء محرومًا من الزواج؛ فيضطرون إلى ركوب الفاحشة!
فالعدولُ عن هدي القرآن في هذه المسألة مِن أعظم أسباب ضياع الأخلاق والانحطاط إلى درجة البهائم في عدم الصيانة والمحافظة على الشرف والمروءة والأخلاق!
(١) صحيح. أبو داود (٢٢٤١). صحيح أبي داود -الأم- (١٩٣٩). (٢) صحيح. أحمد (٨٥٦٨) من حديث أبي هريرة مرفوعًا. صحيح الترغيب والترهيب (١٩٤٩).