للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِن قَبلُ قطعَ اليد لَمَا احتاجوا إلى قتْلِ النفس.

ثم أيُّ فائدة للدولة في حبس إنسان تتولى الإنفاقَ عليه طيلةَ عمره؛ مع ضياع أهله وأولاده إنْ كان له أهل وأولاد؟!

وهل في قتْلِه أو حبْسِه على التأبيدِ علاجٌ لمرضه أو القضاءُ عليه حِسًّا أو معنى؟!

فأيُّ القضاءين أرحمُ له وآمنُ للوطن؟! " (١).

بل إنَّه مِن بركة تطبيق الشريعة حصولُ الأجر الدِّيني، مع المصلحة الدنيوية في نظام الأمن والأمان، حيث حصل الردعُ للسارق ولغيره؛ فيكون عبرةً لِمَن يَعتبر، ومثالًا حيًّا ينهى عن مثل ما صنع المجرمُ.

بل إنَّه يكون سببًا لحُسن سيرة وعمل السارق نفسه إِذْ إنه قد طُهِّرَ مِن ذنبه، واستقبل حياته بصفحة جديدة قد تَعَلَّمَ منها أهميةَ الأمنِ والأمانِ، وعقوبةَ ووبالَ الانحراف والإجرام.

هذا وإننا عندما نقول هذا؛ فإننا نستدلُّ على صحةِ الحكم مِن جهة الواقع؛ حيث لو طُلب منا أنْ نستحضر في أذهاننا الوقائعَ التاريخيةَ التي سمعنا عنها في عهد النَّبِيِّ ؛ بل وفي عهد السلف الصالح -مِن جهة كم حالةً حصلت فيها عقوبةُ السارق بقطع اليد؟ لكان ما نجده قد لا يتجاوز عددَ أصابع اليد الواحدة!

وما ذلك إلَّا لأنَّ العلاجَ عندما أَخذوا به فإنه أتى بثمرته، خلافًا لواقع البلاد التي لا تعمل به، والحمد لله على نعمة الإسلام.

وتأملْ ما جاء في آخر حديث المرأة المخزومية التي قُطعتْ يدُها في السرقة، ففي الحديث عن عائشة (إنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ


(١) محاسن الشريعة ومساوئ القوانين الوضعية لعطية سالم (ص ٤٥).

<<  <   >  >>