ثالثًا: نقول لهم: أليس الشرعُ أو القانونُ لحماية الجميع؟ فلِمَ تعملون على حماية السارق المجرم ولا تعملون على حماية المسروق منه الوادع الآمن؟!
ولم تتوجعون لآلام السارق -وهو المعتدي الذي يُفوِّتُ على العاملين نتائج أعمالهم- ولا تتوجعون على العامل الكادح طيلة عمره؟! وقد يكون ذا عيال وأسرة ضيَّق على نفسه في النفقة وأرهق نفسه في شبابه ليدخر لكبره وعِوَزِه وأطفاله؛ فيأتي السارقُ في خفاء -بيد أثيمة- ويذهب بكل ما جمعه المسكين، ويدعه عالة على المجتمع؟! فقيرًا بعد غنى! ذليلًا بعد عزٍّ! ثم يذهب يبددها دون مبالاة، ولا يعلم مِن أين اكتُسبت حيث لم يَعرقْ له فيها جبينٌ!! فأيُّ الفريقين أحقُّ بالأمن؟!
والآن: هل نفعتْ شفقتُكم عليهم؟
وهل أصلحتْ مِن مرضهم؟
أم أنها جَنَتْ على المجتمع الآمن؟؟
إنَّ حوادثَ السرقة في أرقى البلاد مدنية اليومَ، وقد وصلت إلى ما لم تصل إليه مِن قبلُ: اعترافٌ بفضل الشريعة.
وها هي بعض البلاد تضع في قوانينها الحكمَ بالإعدام لجرائم السرقة إذا وقعتْ ما بين غروب الشمس وطلوعها وكان موجودًا مع السارق سلاحٌ ولو لم يُستعمل، أو بالحبس مؤبدًا، وبعضُها يعاقب بالإعدام مطلقًا إذا استعمل الهجومَ المسلحَ ولو لم يُقتلْ فيه أحدٌ.
وما ألجأهم لذلك إلَّا عدمُ صلاحية اللين والتسامحُ مع المجرمين، ولو نفَّذوا
= قال ياقوت الحموي ﵀: "كأنّ المعري حمارٌ لا يفقه شيئًا! وإلَّا فالمرادُ بهذا بَيِّنٌ: لو كانت اليد لا تقطع إلا في سرقة خمسمائة دينار لكَثُرَ سرقة ما دونها طمعًا في النجاة، ولو كانت اليد تُفدى بربع دينار لكَثُرَ مَن يقطعها ويؤدي ربع دينار دية عنها، نعوذ بالله من الضلال". معجم الأدباء (١/ ٣٣٧).