بكلّ واحد منهما في قوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ
[البقرة/ ٢٣٨] ، وقوله تعالى: كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ
[الروم/ ٢٦] قيل: خاضعون، وقيل:
طائعون، وقيل: ساكتون ولم يعن به كلّ السّكوت، وإنما عني به ما قال عليه الصلاة والسلام: «إنّ هذه الصّلاة لا يصحّ فيها شيء من كلام الآدميّين، إنّما هي قرآن وتسبيح» «١» ، وعلى هذا قيل: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: «طول القُنُوتِ» «٢» أي: الاشتغال بالعبادة ورفض كلّ ما سواه. وقال تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً
[النحل/ ١٢٠] ، وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ [التحريم/ ١٢] ، أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً [الزمر/ ٩] ، اقْنُتِي لِرَبِّكِ
[آل عمران/ ٤٣] ، وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ
[الأحزاب/ ٣١] ، وقال: وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ
[الأحزاب/ ٣٥] ، فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ [النساء/ ٣٤] .
[قنط]
القُنُوطُ: اليأس من الخير. يقال: قَنَطَ يَقْنِطُ قُنُوطاً، وقَنِطَ يَقْنَطُ «٣» . قال تعالى: فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ
[الحجر/ ٥٥] ، قال: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ
[الحجر/ ٥٦] ، وقال: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
[الزمر/ ٥٣] ، وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ
[فصلت/ ٤٩] ، إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ
[الروم/ ٣٦] .
[قنع]
القَنَاعَةُ: الاجتزاء باليسير من الأعراض المحتاج إليها. يقال: قَنِعَ يَقْنَعُ قَنَاعَةً وقَنَعَاناً:
إذا رضي، وقَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعاً: إذا سأل «٤» . قال تعالى: وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ
[الحج/ ٣٦] . قال بعضهم «٥» : الْقَانِعُ هو السّائل الذي لا يلحّ في السّؤال، ويرضى بما يأتيه عفوا، قال الشاعر:
(١) شطر من حديث معاوية بن الحكم السلمي الطويل، وفيه: ثم قال صلّى الله عليه وسلم: «إنّ هذه الصلاة لا يحلّ فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ... » إلخ. أخرجه مسلم برقم (٥٣٧) ، والنسائي ٣/ ١٤، وأبو داود برقم (٩٣٠) ، وانظر: شرح السنة ٣/ ٢٣٨.
(٢) الحديث عن جابر قال: قيل للنبي صلّى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت» . أخرجه مسلم برقم (٧٥٦) ، والترمذي (انظر: عارضة الأحوذي ٢/ ١٧٨) .
(٣) انظر: الأفعال ٢/ ١١٧.
(٤) وفي ذلك أنشد بعضهم:
العبد حرّ إن قنع ... والحرّ عبد إن قنع
فاقنع ولا تقنع فما ... شيء يشين سوى الطمع
(٥) هو الزجاج في معاني القرآن ٣/ ٤٢٨.