قراءة عبد الله: (تأتي الفاحشة) «١» فاستعمال الإتيان منها كاستعمال المجيء في قوله: لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا [مريم/ ٢٧] .
يقال: أتيته وأتوته «٢» ، ويقال للسقاء إذا مخض وجاء زبده: قد جاء أتوه، وتحقيقه: جاء ما من شأنه أن يأتي منه، فهو مصدر في معنى الفاعل.
وهذه أرض كثيرة الإتاء أي: الرّيع، وقوله تعالى: مَأْتِيًّا
[مريم/ ٦١] مفعول من أتيته.
قال بعضهم «٣» : معناه: آتيا، فجعل المفعول فاعلًا، وليس كذلك بل يقال: أتيت الأمر وأتاني الأمر، ويقال: أتيته بكذا وآتيته كذا. قال تعالى:
وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً [البقرة/ ٢٥] ، وقال:
فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها [النمل/ ٣٧] ، وقال: وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً [النساء/ ٥٤] .
[وكلّ موضع ذكر في وصف الكتاب «آتينا» فهو أبلغ من كلّ موضع ذكر فيه «أوتوا» ، لأنّ «أوتوا» قد يقال إذا أوتي من لم يكن منه قبول، وآتيناهم يقال فيمن كان منه قبول] «٤» .
وقوله تعالى: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ
[الكهف/ ٩٦] وقرأه حمزة موصولة «٥» . أي:
جيئوني.
والإِيتاء: الإعطاء، [وخصّ دفع الصدقة في القرآن بالإيتاء] نحو: وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ [البقرة/ ٢٧٧] ، وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ [الأنبياء/ ٧٣] ، ووَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً [البقرة/ ٢٢٩] ، ووَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ [البقرة/ ٢٤٧] .
[أث]
الأثاث: متاع البيت الكثير، وأصله من:
أثّ «٦» ، أي: كثر وتكاثف.
وقيل للمال كلّه إذا كثر: أثاث، ولا واحد له، كالمتاع، وجمعه أثاث «٧» .
ونساء أثايث: كثيرات للحمل، كأنّ عليهن
(١) وهي قراءة شاذة قرأ بها ابن مسعود. [.....]
(٢) قال ابن مالك:
وأتوت مثل أتيت فقل بها ... ومحوت خطّ السطر ثم محيته
(٣) والذي قال هذا ابن قتيبة وأبو نصر الحدادي، وذكره ابن فارس بقوله: وزعم ناس، كأنّه يضعّفه.
راجع: تأويل مشكل القرآن ص ٢٩٨، والمدخل لعلم تفسير كتاب الله ص ٢٦٩، والصاحبي ص ٣٦٧، وكذا الزمخشري في تفسيره راجع الكشاف ٢/ ٢/ ٤١٥.
(٤) نقل هذه الفائدة السيوطي في الإتقان ١/ ٢٥٦ عن المؤلف.
(٥) وكذا قرأها أبو بكر من طريق العليمي وأبي حمدون. ا. هـ. راجع: الإتحاف ص ٢٩٥.
(٦) يقال: أثّ النبات يئثّ أثاثة، أي: كثر والتفّ. انظر: اللسان (أثّ) .
(٧) وهذا قول الفرّاء، وقيل: واحده أثاثة. انظر: المجمل ١/ ٧٨، واللسان (أث) .