[هود/ ٣٥] ، فمن كسر «١» فمصدر، ومن فتح «٢» فجمع جرم.
واستعير من الجرم- أي: القطع- جَرَمْتُ صوف الشاة، وتَجَرَّمَ الليل «٣» .
والجِرْمُ في الأصل: المجروم، نحو نقض ونفض للمنقوض والمنفوض، وجعل اسما للجسم المجروم، وقولهم: فلان حسن الجرم، أي: اللون، فحقيقته كقولك: حسن السخاء.
وأمّا قولهم: حسن الجرم، أي: الصوت «٤» .
فالجرم في الحقيقة إشارة إلى موضع الصوت لا إلى ذات الصوت، ولكن لمّا كان المقصود بوصفه بالحسن هو الصوت فسّر به، كقولك: فلان طيب الحلق، وإنما ذلك إشارة إلى الصوت لا إلى الحلق نفسه. وقوله عزّ وجل: لا جَرَمَ
«٥» قيل: إنّ «لا» يتناول محذوفا، نحو «لا» في قوله تعالى: لا أُقْسِمُ [القيامة/ ١] ، وفي قول الشاعر:
٩٢-
لا وأبيك ابنة العامري «٦»
ومعنى جرم: كسب، أو جنى. و: أَنَّ لَهُمُ النَّارَ [النحل/ ٦٢] ، في موضع المفعول، كأنه قال: كسب لنفسه النار.
وقيل: جَرَمَ وجَرِمَ بمعنى، لكن خصّ بهذا الموضع «جرم» كما خصّ عمر بالقسم، وإن كان عمر وعمر «٧» بمعنى، ومعناه: ليس بجرم أنّ لهم النار، تنبيها أنهم اكتسبوها بما ارتكبوه إشارة إلى قوله تعالى: وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها [الجاثية/ ١٥] .
(١) اتفق جميع القراء على كسر الهمزة من إِجْرامِي. (٢) وهي قراءة شاذة. (٣) أي: ذهب. [.....] (٤) قال ابن مالك: كسب وأرض ذات حرّ جرم ... وعرب والقطع، أمّا الجرم فالجسم والصوت، وأمّا الجرم ... فالذّنب لا عوملت بالإذناب (٥) الآية: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ من سورة النحل: رقم (٦٢) . (٦) الشطر لامرئ القيس، وعجزه: لا يدعي القوم أنّي أفرّ وهو في ديوانه ص ٦٨. (٧) قال الزمخشري: العمر: الحياة والبقاء، وفيه لغات ثلاث: عمر، وعمر، وعمر، ولا يستعمل في القسم من اللغات الثلاث إلا المفتوحة، لأنها أخف اللغات، ووزنها أخف الأوزان الثلاثية كلها، والقسم كثير الاستعمال عندهم فاختاروا له أخفّها، انظر: أعجب العجب ص ٣٨- ٣٩.