وقال صلّى الله عليه وسلم:«انقطع الوحي ولم يبق إلا المبشّرات، وهي الرؤيا الصالحة، يراها المؤمن أو ترى له»«١» وقال تعالى: فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ [يس/ ١١] ، وقال: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران/ ٢١] ، بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ [النساء/ ١٣٨] ، وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [التوبة/ ٣] فاستعارة ذلك تنبيه أنّ أسرّ ما يسمعونه الخبر بما ينالهم من العذاب، وذلك نحو قول الشاعر:
ويقال: أَبشرَ، أي: وجد بشارة، نحو: أبقل وأمحل، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت/ ٣٠] ، وأبشرت الأرض: حسن طلوع نبتها، ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه:(من أحبّ القرآن فليبشر)«٣» أي: فليسرّ. قال الفرّاء:
إذا ثقّل فمن البشرى، وإذا خفّف فمن السرور يقال: بَشَرْتُهُ فَبَشَرَ، نحو: جبرته فجبر، وقال سيبويه «٤» : فَأَبْشَرَ، قال ابن قتيبة «٥» : هو من بشرت، الأديم، إذا رقّقت وجهه، قال: ومعناه فليضمّر نفسه، كما روي:«إنّ وراءنا عقبة لا يقطعها إلا الضّمر من الرّجال»«٦» ، وعلى الأول قول الشاعر:
(١) الحديث صحيح أخرجه البخاري ٢/ ٣٣١، ومسلم (٤٧٩) وفيه «ذهبت النبوة وبقيت المبشّرات» ، وأخرجه ابن ماجة ١/ ١٢٨٣، وانظر: شرح السنة ١٢/ ٢٠٤. (٢) هذا عجز بيت لعمرو بن معديكرب، وصدره: وخيل قد دلفت لها بخيل وهو في البصائر ٢/ ٢٠١، وخزانة الأدب ٩/ ٢٥٢، وديوانه ص ١٤٩، والممتع ص ٢٦٠، والخصائص ١/ ٣٦٨. (٣) أخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ١٣٣ وانظره: في الغريبين ١/ ١٨٠، واللسان (بشر) ، والنهاية ١/ ١٢٩. (٤) الكتاب ٢/ ٢٣٥. (٥) في غريب الحديث ٢/ ٢٣٤. (٦) راجع: اللسان (بشر) ٤/ ٦٠. الحديث أخرجه ابن مردويه والطبراني عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إنّ أمامكم عقبة كؤدا لا يجوزها المثقلون، فأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة» وإسناده صحيح. راجع: الدر المنثور ٨/ ٥٢٣، والترغيب والترهيب ٤/ ٨٥. وأسباب ورود الحديث ٢/ ٤٢ وأخرجه البزار بلفظ: «إن بين أيديكم عقبة» .