من الأنصار، فقال: أنا، فقال:"ألا تَتَّقِي اللهَ في هذه البهيمة التي مَلَّكك الله إياها، فإنه شَكَاك إليّ، وزَعَمَ أنك تُجِيعه، وتُدْئبه (١) "، ثم ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحائط، فقضى حاجته، ثم توضأ، ثم جاء، والماء يقطر من لحيته على صدره، فأسَرَّ إليّ شيئًا، لا أحدِّث به أحدًا، فحَرَّجنا عليه أن يحدثنا، فقال: لا أُفشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرَّه حتى ألقى الله. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن جعفر - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الحيض"[١٩/ ٧٨٠](٣٤٢)، و (أبو داود) في "الجهاد"(٢٥٤٩)، و (ابن ماجة) في "الطهارة"(٣٤٠)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٢٠٤)، رقم (١٧٤٧ و ١٧٥٧)، و (الدارميّ) في "الطهارة"(١/ ١٧٠ و ١٩٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(١٤١١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١/ ٩٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١/ ١٩٧)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٧٧٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده (٢):
١ - (منها): استحباب الاستتار عند قضاء الحاجة بحائط، أو هَدَف، أو وَهْدة، أو نحو ذلك، بحيث يُغيّب جميع شَخْص الإنسان عن أعين الناظرين، وهذه سنّة مؤكّدة، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).
٢ - (ومنها): جواز الإرداف على الدابّة إذا كانت مُطيقة، وما ورد من النهي عن ذلك (٤)، فيُحمل على ما إذا لَمْ تُطق، والله تعالى أعلم.
(١) أي: تتعبه بالعمل. (٢) المراد فوائد الحديث بتمامه، لا ما ساقه المصنّف فقط، فتنبّه. (٣) "شرح النوويّ" ٤/ ٣٥. (٤) قد وردت أحاديث في نهي ركوب الثلاثة على دابة، وأسانيدها ضعيفة، والصحيح =