ليلة الخميس (١) الثانية عشرة من شهر ربيع الثاني ١٢/ ٤ / ١٤٣٢ هـ بدأتُ كتابةَ أول الجزء السادس والثلاثين من شرح "صحيح الإمام مسلم" المسمَّى "البحر المحيط الثَّجاج في شرح صحيح الإمام مسدم بن الحجَّاج" رحمه الله تعالى.
(٢) - (بَابُ السِّحْرِ)
مسائل تتعلَّق بهذه الترجمة:
(المسألة الأولى): في ضبط السحر، ومعناه:
قال في "القاموس"، و"شرحه": "السِّحْر" - أي: بكسر السين، وسكون الحاء المهملتين -: كُلُّ ما لَطُف مأْخَذُه، ودَقَّ، والجمْع أسْحارٌ وسُحُورٌ، والفِعْلُ كمَنعَ. وقوله:"إنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا". قال أبو عُبَيْد: كأنّ مَعْنَاهُ - والله أعلم - أنَّه يَبْلُغ من ثَنائِه أنه يَمْدَحُ الإنسانَ، فيَصْدُقُ فيه حتّى يَصْرِفَ قُلُوبَ السَّامِعين إليه؛ أَي: إلى قَوْله، ويَذُمُّه فيَصْدُقُ فيه حتَّى يَصْرِفَ قُلوبَهُم أيضًا عنه إلى قَولهِ الآخَرِ. فكأنه سَحَر السامعينَ بذلك. انتهى (٢).
وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قال ابن فارس: "السِّحْرُ": إخراج الباطل في صورة الحقّ، ويقال: هو الخديعة، وسَحَرَهُ بكلامه: استماله برقّته، وحُسْن تركيبه، قال الإمام فخر الدين في "التفسير": ولفظ السِّحْرِ في عُرف الشرع مختصّ بكل أمر يَخْفَى سببه، ويُتَخَيَّل على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخداع، قال تعالى:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}[طه: ٦٦]. وإذا أُطلق ذُمّ فاعله، وقد يُستعمل مقيَّدًا فيما يُمدح ويُحمد، نحو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا"؛ أي:
(١) وذلك مع الأذان لصلاة العشاء ١٢/ ٤/ ١٤٣٢ هـ. (٢) "تاج العروس" ١/ ٢٩٢٨.