وأجمل مَن هناك. انتهى (١).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "وأحسنه خَلْقًا": الرواية بتوحيد ضمير "أحسنه"، وبفتح الخاء، وسكون اللام مِنْ "خَلْقًا"، فأما توحيد الضمير؛ فقال أبو حاتم: العرب تقول: فلان أجمل الناس، وأحسنه؛ يريدون أحسنهم، ولا يتكلمون به، قال: والنحويون يذهبون به إلى أنه أحسن مَن ثمَّةَ.
وأما "خَلْقًا": فأراد به حُسْن الجسم؛ بدليل قوله بعده: "ليس بالطويل الذاهب، ولا بالقصير"، وأما في حديث أنس، فروايته: بضم الخاء، واللام؛ لأنَّه يعني به: حسن المعاشرة، بدليل سياق ما بعده من الحديث. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (٢).
وقوله: (لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ) قال القاضي عياض -رحمه الله-: الذاهب: المفرِط في الطول، كما قال في الرواية الأخرى: "البائن". انتهى (٣).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(٢٦) - (بَابُ صِفَةِ شَعْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:
[٦٠٤٩] (٢٣٣٨) - (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَيْفَ كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: كَانَ شَعَرًا رَجِلًا، لَيْسَ بِالْجَعْدِ، وَلَا السَّبِطِ، بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ) (٤).
رجال هذا الإسناد: أربعة:
١ - (شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ) الأُبُلّيّ، تقدّم قريبًا.
٢ - (جَرِيرُ بْنُ حَازِمِ) بن زيد، أبو النضر البصريّ.
٣ - (قَتَادَةُ) بن دعامة السَّدُوسيّ، تقدّم قبل بابين.
٤ - (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) -رضي الله عنه-، تقدّم قبل ثلاثة أبواب.
(١) "الفتح" بزيادة من غيره.
(٢) "المفهم" ٦/ ١٢٩ - ١٣٠.
(٣) "مشارق الأنوار" ١/ ٢٧١.
(٤) وفي نسخة: "وعاتقيه".