خمرة صِرْفٌ، وفي الحديث: الخمرة ما خامر العقل، وقال ابن الأعرابيّ: سمّيت الخمرة خمرًا؛ لأنها تُركت، فاختمرت، واختمارها: تغيير ريحها (١).
(وَيَظْهَرَ الزِّنَا")؛ أي: يفشو، وينتشر، وفي الرواية التالية: "ويفشو الزنا"، والزنا يُمَدّ، ويُقصر، والقصر لأهل الحجاز، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢]، والمدّ لأهل نجد، وقد زَنَى يَزني، وهو من النواقص اليائية، والنسبة إلى المقصور زَنَويّ، وإلى المدود زَنائيّ (٢)، والله تعالى أعلم.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث متّفقٌ عليه، ومسائله تأتي في الحديث التالي -إن شاء الله تعالى-.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[٦٧٦٢] (. . .) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ألَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، لَا يُحَدِّثكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعَهُ مِنْهُ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَفْشُوَ الزِّنَا، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ، وَتَبْقَى النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى) أبو موسى الْعَنَزيّ البصريّ، تقدّم قريبًا.
٢ - (ابْنُ بَشَّارٍ) أبو بكر بُندار العبديّ البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
٣ - (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) غندر، أبو عبد الله البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
٤ - (شُعْبَةُ) بن الحجَّاج الإمام الشهير، تقدّم أيضًا قريبًا.
٥ - (قَتَادَةَ) بن دعامة السَّدُوسيّ، أبو الخطّاب البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا. و"أنس بن مالك -رضي الله عنه- " ذُكر قبله.
[[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد]
أنه من خماسيّات المصنّف رحمه اللهُ، وأن شيخيه من التسعة الذين روى عنهم الجماعة بلا واسطة، وأنه مسلسلٌ بالبصريين من أوله إلى آخره، وفيه
(١) "عمدة القاري" ٢/ ٨٢.
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٨٢.