لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} [الإسراء: ٨٨] الآية، فإنه يدلّ على عجزهم مع بقاء قدرتهم، ولو سُلِبوا القدرة لم يَبقَ فائدة لاجتماعهم؛ لمنزلته منزلة اجتماع الموتى، وليس عجز الموتى بكبير يُحتفل بذكره، هذا مع أن الإجماع منعقدٌ على إضافة الإعجاز إلى القرآن.
وأيضًا يلزم من القول بالصرفة فساد آخر، وهو زوال الإعجاز بزوال زمان التحدّي، وخلوّ القرآن من الإعجاز، وفي ذلك خرقٌ لإجماع الأمة، فإنهم أجمعوا على بقاء معجزة الرسول العُظْمَى، ولا معجزة له باقيةٌ سوى القرآن، وخلوّه من الإعجاز يُبطل كونه معجزةً.
هذا، على أن القول بالصرفة؛ يعني: أن الإعجاز ليس في القرآن نفسه، وإنما هو في منع الله تعالى لهم من معارضته، فلم يتضمّن فضيلةً في نفسه على غيره، وهذا باطلٌ.
وقد اتّفق عامّة أهل السنّة على أن القرآن معجز في نفسه، وأن إعجازه ثابتٌ في لفظه، ونظمه، ومعناه، وبيانه، وأسلوبه، وغير ذلك مما يحتمله لفظ الإعجاز (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.