(عَنْ هِشَام) بن عروة (عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزبير؛ أنه (قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ (يُحَدِّثُ) الناس بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (وَيَقُولُ) لعائشة - رضي الله عنها - (اسْمَعِي يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ)، أي: صاحبة البيت، (اسْمَعِيِ يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ) كرّره للتأكيد، وغرض أبي هريرة - رضي الله عنه - من ذلك تقوية أحاديثه بسماع عائشة - رضي الله عنها -، وتقريرها عليه، وقد حصل ذلك، فإنها ما أنكرت من حديثه شيئًا، وإنما أنكرت سَرْده الحديث فقط. (وَعَائِشَةُ)؛ أي: والحال أن عائشة - رضي الله عنها - (تُصَلِّي، فَلَمَّا قَضَتْ صَلَاتَهَا)؛ أي: فرغت منها، وسلّمت (قَالَتْ لِعُرْوَةَ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى هَذَا) تريد أبا هريرة، (وَمَقَالَتِهِ)؛ أي: وإلى مقالته التي قالها (آنِفًا) بالمدّ؛ كصاحب، والقصر؛ ككَتف، وقرئ بهما؛ أي: مذ ساعة؛ أي: في أول وقت يقرُبُ منّا، قاله المجد رحمه اللهُ (٢). (إِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ حَدِيثًا)؛ أي: مرتّلًا، ومفصّلًا، لا يشتبه على من سمعه بحيث (لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ)؛ أي: أحصاه المحصي بالعدد، (لأَحْصَاهُ)؛ أي: لو عدّ كلماته، أو مفرداته، أو حروفه لأطاق ذلك، وبلغ آخرها، والمراد بذلك: المبالغة في الترتيل والتفهيم.