إبقاءً لمودتهم؛ لأن العتاب إنما يُخشى ممن يُخشى منه الحقد، لا ممن هو منزه عن ذلك.
[تنبيه]: أخرج ابن إسحاق، والحاكم من طريقه من حديث عمار، أنه "كان هو وعليّ في غزوة العشيرة، فجاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فوجد عليًّا نائمًا، وقد علاه تراب، فأيقظه، وقال له: ما لك أبا تراب؟ ثم قال: ألا أحدّثك بأشقى الناس. . ." الحديث، وغزوة العشيرة كانت في أثناء السثة الثانية قبل وقعة بدر، وذلك قبل أن يتزوج عليّ فاطمة، فإن كان محفوظًا أمكن الجمع بأن يكون ذلك تكرر منه -صلى الله عليه وسلم- في حقّ عليّ، والله أعلم.
وقد ذكر ابن إسحاق عقب القصة المذكورة قال: حدّثني بعض أهل العلم أن عليًّا كان إذا غضب على فاطمة في شيء، لم يكلمها، بل كان يأخذ ترابًا فيضعه على رأسه، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى ذلك عَرَف، فيقول:"ما لك يا أبا تراب؟ " فهذا سبب آخر يقوي التعدد، والمعتمَد في ذلك كله حديث سهل في الباب، ذكره في "الفتح"(١)، والله تعالى أعلم.
هو سعد بن أبي وقاص مالك بن وُهيب، ويقال: أهيب بن عبد مناف بن زُهْرة بن كلاب بن مرّة، يَجتمع مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في كلاب بن مرّة، وعدد ما بينهما من الآباء متقارب، وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس لم تُسْلم، مات بالعقيق سنة خمس وخمسين، وقيل: بعد ذلك إلى ثمانية وخمسين، وعاش نحوًا من ثمانين سنةً، قاله في "الفتح"(٢).
وقال القرطبيّ -رحمه الله -: اسمه سعد بن مالك بن وُهيب بن عبد مناف بن زُهْرة بن كلاب بن مرَّة، يكنى: أبا إسحاق، أسلم قديمًا، وهو ابن سبع عشرة
(١) "الفتح" ١٤/ ٨٧ - ٨٨، كتاب "الأدب" رقم (٦٢٠٤). (٢) "الفتح" ٨/ ٤٣٩، كتاب "الفضائل" رقم (٣٧٢٥).