يعني: أن الذين تابعوك، ودخلوا في دينك من أسافلة القوم، يسرقون أمتعة الحجّاج، يريد بذلك الاستخفاف بهذه القبائل التي أسلمت، ويتعاظم بقبيلته التي لم تُسْلم، وهذا من باب قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١)} [الأحقاف: ١١]، وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣)} [الأنعام: ٥٣].
وقوله:(مِنْ أَسْلَمَ) وما عُطف عليه بيان لـ "سُرّاق الحجيج". (وَغِفَارَ، وَمُزَيْنَةَ) وقوله: (وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةَ، مُحَمَّدٌ الَّذِي شَكَّ) هذا من كلام شعبة؛ يعني: أن محمد بن أبي يعقوب شكّ في زيادة: "وجهينة"، قال في "الفتح": وقد ظهر من الرواية التي قبلها (٢) أن لا أثر لشكّه، وأن ذلك ثابتٌ في الخبر (٣). (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَرَأَيْتَ) بمعنى "أخبرني"، والخطاب للأقرع بن حابس، (إِنْ كَانَ أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَمُزَيْنَةُ) وقوله: (وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةَ) هذا أيضًا من كلام شعبة في شكّ شيخه ابن أبي يعقوب في "جهينة"، وقوله:(خَيْرًا) خبر "كان"، وقوله:(مِنْ بَنِي تَمِيمٍ) وما عُطف عليه متعلّق بـ "خيرًا"، وتَمِيمٍ هو: ابن مُرّ -بضم الميم، وتشديد الراء- ابن أُدّ -بضم الهمزة، وتشديد الدال- ابن طابخة بن إلياس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عبدنان، وفيهم بطون كثيرة جدًّا (٤).
(١) "عمدة القاري" ١٦/ ٨٣. (٢) أي: عند البخاريّ من رواية الثوريّ، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، فأثبتها من غير شكّ. (٣) "الفتح" ٨/ ١٧١، كتاب "المناقب" رقم (٣٥١٦). (٤) "عمدة القاري" ١٦/ ٨٢.