مسروق قال: حدّثتني عائشة؛ أن نساء النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجتمعن عنده، لَمْ تغادر منهنّ واحدة، قالت: فقلت: يا رسول الله؛ أيتنا أسرع بك لحوقًا. . ." الحديث (١).
(بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا") منصوب على التمييز؛ أي: أكثركنّ عطاء، تقول: فلان طويل اليد والباع: إذا كان كريمًا، قاله في "المشارق"(٢)، وقال في موضع آخر: يريد: أسمحكنّ، وأفعلكنّ للمعروف، وأكثركنّ صدقةً، يقال: فلان طويل اليد، وطويل البدع: إذا كان سمحًا جوادًا، وضدّه قصير اليد، وجَعْد البنان. انتهى (٣).
قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أسرعكن لحاقًا بي أطولكن يدًا" هذا خطاب منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لزوجاته خاصة، إلَّا ترى أنه قال لفاطمة - رضي الله عنها -: "أنت أوَّل أهل بيتي لحوقًا بي"، فكانت زينب أوَّلَ أزواجه وفاةً بعده، وفاطمةُ أوَّلَ أهل بيته وفاةً، ولم يُرد بِالْتِحاق به الموت فقط، بل الموت، والكون معه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الجَنَّة، والكرامة. انتهى (٤).
[تنبيه]: إنما لَمْ يقل: "سُرْعاكنّ"، و"طُولاكنّ" بلفظ التأنيث؛ لأنَّ أفعل التفضيل إذا أريد به التفضيل، وكان مضافًا إلى معرفة، جاز فيه وجهان: المطابقة، وعدمها، بخلاف المضاف إلى نكرة، والمجرّد، فيذكّران، ويُفردان، وبخلاف المحلّى بـ "أل"، فإنه تلزم مطابقته، كما أشار إلى ذلك ابن مالك في "الخلاصة" بقوله: