[تنبيه آخر]: كون هذا الحديث من مسند عليّ -رضي الله عنه- هو الصواب، ولذا أورده الحافظ المزّيّ -رحمه الله- في "تحفة الأشراف"(١) في ترجمة عبد الله بن عباس عن عليّ -رضي الله عنهم-، وأما جَعْل بعض الشرّاح (٢) له من مسند ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، فلا وجه له، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَن) عبد الله بن عبيد الله (ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ)، واسمه زهير بن عبد الله بن جُدْعان، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (يَقُولُ: وُضِعَ) بالبناء للمفعول، (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) -رضي الله عنه- (عَلَى سَرِيرِهِ) قال النوويّ: السرير هنا النعش، والمعنى أنه وُضع على نعشه لأجل غَسْله، (فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ) بالنون، والفاء؛ أي: أحاطوا به من جميع جوانبه، والأكناف: النواحي (٣)، وقوله (يَدْعُونَ) جملة حاليّة؛ أي: يدعون له بالمغفرة، (ويُثْنُونَ) بضمّ أوله، مضارع أثنى بخير: إذا وَصَفه به؛ يعني: أنهم يصفونه بأعماله الصالحة التي كان يعملها قبل أن يصاب، (وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ)؛ أي: صلاة الجنازة، (قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ) بالبناء للمفعول؛ أي: قبل أن تُرفع جنازته إلى القبر، قال ابن عبّاس:(وَأَنَا فِيهِمْ)، والجملة حاليّة أيضًا. (قَالَ) ابن عبّاس (فَلَمْ يَرُعْنِي) بفتح الياء، وضم الراء، ومعناه: لم يفجأني، ولم يُفزعني إلا ذلك، والمراد أنه رآه بغتةً. (إِلَّا بِرَجُلٍ) قال النوويّ: هكذا هو في النُّسخ "برجل" بالباء؛ أي: لم يفجأني الأمر، أو الحال إلا برجل. انتهى (٤)، ولفظ البخاريّ:"فلم يرعني إلا رجلٌ"، وهي واضحة.
(قَدْ أَخَذَ بِمَنْكِبِي) بفتح الميم، وكسر الكاف: مجتمع رأس الْعَضُد والكتف، وهو مفرد مضاف لياء المتكلّم. (مِنْ وَرَائِي)؛ أي: من خلفي، قال ابن عبّاس:(فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ)؛ أي: إلى الرجل، (فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ)"إذا" هي الفجائيّة؛ أي: ففجأني وجود عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، (فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ)، وفي رواية للبخاريّ:"فقال: يرحمك الله"، (وَقَالَ) عليّ -رضي الله عنه- (مَا خَلَّفْتَ) بفتح