حجاب البيوت، فإن ذلك وجه آخر، إنما أراد أن يستترن بالجلباب، حتى لا يبدوَ منهنّ إلا العين. انتهى (١).
وقال في "الفتح" ما خلاصته: خرجت سودة - رضي الله عنها - بعدما ضُرِب الحجاب لحاجتها، وكانت عظيمة الجسم، فرآها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقال: يا سودة، أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، فرجعت، فشكت ذلك للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو يتعشى، فأوحي إليه، فقال:"إنه قد أُذِن لكنّ أن تخرجن لحاجتكن"(٢).
وقوله:(وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ)؛ يعني: ابن أبي شيبة شيخه الأول، فالجارّ والمجرور خبر مقدّم، وقوله:(يَفْرَعُ النِّسَاءَ جِسْمُهَا) مبتدأ مؤخّر محكيّ؛ لِقَصْد لفظه: يعني: أن أبا بكر قال: "يفرع النساء جسمها"، بدل قول أبي كريب:"تفرع النساء جسمًا"، فعلى رواية أبي بكر:"النساءَ" منصوب على المفعوليّة، و"جسمُها" مرفوع على الفاعليّة، وعلى رواية أبي كريب:"النساءُ" مرفوع على الفاعليّة، و"جسمًا" منصوب على التمييز، والله تعالى أعلم.
وقوله:(زَادَ أَبُو بَكْرٍ)؛ أي: ابن أبي شيبة (فِي حَدِيثِهِ)؛ أي: في روايته لهذا الحديث، فقوله:"زاد أبو بكر" فعل وفاعل، وقوله:(فَقَالَ هِشَامٌ: يَعْني: الْبَرَازَ) منصوب على أنه مفعول به لـ"زاد"، محكيّ؛ لقصد لفظه، وقوله:"يَعْنِي: الْبَرَازَ" مقول "قال هشام"، وفاعل "يعني" ضمير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني: النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"لحاجتكنّ" البرازَ، وانتصاب "البراز" على المفعوليّة لـ"يعني".
ووقع عند البخاريّ بلفظ:"تعني: البراز"، فالضمير يرجع إلى عائشة - رضي الله عنها -؛ أي: تقصد عائشة - رضي الله عنها - بقولها:"تخرجن في حاجتكن" البرازَ؛ أي: الخروج إلى البراز، وانتصابه بقوله:"تعني"، أفاده في "العمدة"(٣).
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "قال هشام: يعني: البراز" هكذا المشهور في الرواية: "البراز" بفتح الباء، وهو الموضع الواسع البارز الظاهر، وقد قال
(١) "عمدة القاري" ٢/ ٢٨٥. (٢) "الفتح" ١/ ٤٣٢، كتاب "الوضوء" رقم (١٤٧). (٣) "عمدة القاري" ٢/ ٢٨٥.