صنَعْتَ؟ أَشَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ؟ فَيَجِيءُ، فَلَا يَجِدُهُ، فَيَدْعُو عَلَيْكَ، فَتَهْلِكُ، فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ، وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ إِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى قَدَمَيَّ خَرَجَ رَأْسِي، وَإِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى رَأْسِي خَرَجَ قَدَمَايَ، وَجَعَلَ لَا يَجِيئُنِي النَّوْمُ، وَأَمَّا صَاحِبَايَ، فَنَامَا، وَلَمْ يَصْنَعَا مَا صَنَعْتُ، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ، فَكَشَفَ عَنْهُ، فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: الآنَ يَدْعُو عَلَيَّ، فَأَهْلِكُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَأَسْقِ مَنْ أَسْقَانِي"، قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ، فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى الأَعْنُزِ أَيُّهَا أَسْمَنُ، فَأَذْبَحُهَا لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِذَا هِيَ حَافِلَةٌ (١)، وَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ، فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لآلِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ (٢) أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ، قَالَ: فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ اشْرَبْ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ اشْرَبْ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ رَوِيَ، وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ ضَحِكْتُ، حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الأَرْضِ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا وَكَذَا، وَفَعَلْتُ كَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا هَذِهِ إِلَّا رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، أفَلَا كُنْتَ آذَنْتَنِي، فَنُوقِظَ صَاحِبَيْنَا، فَيُصِيبَانِ مِنْهَا"، قَالَ: فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُبَالِى إِذَا أَصَبْتَهَا، وَأَصَبْتُهَا مَعَكَ مَنْ أَصَابَهَا مِنَ النَّاسِ).
رجال هذا الإسناد: ستّة:
١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) هو: عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، تقدّم قبل باب.
٢ - (شَبَابَةُ بْنُ سَوَّار) المدائنيّ، خراساني الأصل، يقال: اسمه مروان الفزاريّ مولاهم، ثقة حافظ، رُمي بالإرجاء [٩] (ت ٤ أو ٥ أو ٢٠٦) (ع) تقدم في "المقدمة" ٦/ ٤٠.
(١) وفي نسخة: "فإذا هي حافل".(٢) وفي نسخة: "يطعمون".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute