جعلته مِثله، قائمًا مقامه، قال الله تعالى:{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام: ١]، وعِدل الشيء بالكسر: مِثْله من جنسه، أو مقدارِهِ، قال ابن فارس: الْعِدل: الذي يعادل في الوزن والقدر، وعَدْله بالفتح: ما يقوم مقامه من غير جنسه، ومنه قوله تعالى:{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}[المائدة: ٩٥]، وهو في الأصل مصدر، أفاده الفيّوميّ (١). (الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ - عز وجل -؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا تَسْتَطِيعُونَهُ")؛ أي: لا تستطيعون القيام بما يعادل الجهاد؛ لأنه أشقّ، ووقع في بعض النسخ:"لا تستطيعوه" بحذف النون، قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في معظم النسخ: "لا تستطيعوه"، وفي بعضها:"لا تستطيعونه" بالنون، وهذا جارٍ على اللغة المشهورة، والأول صحيح أيضًا، وهي لغة فصيحة حَذْف النون من غير ناصب، ولا جازم، وقد سبق بيانها، ونظائرها مرات. انتهى (٢).
قال الجامع عفا الله عنه: حَذْف نون الرفع بلا ناصب، وجازم لغة، ذكرها ابن مالك - رحمه الله - في "الكافية الشافية"، فقال:
(قَالَ) الراوي، وهو أنس - رضي الله عنه -، (فَأَعَادُوا) السؤال (عَلَيْهِ) - صلى الله عليه وسلم - (مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ)؛ أي: كلّ السؤال المعاد (يَقُولُ) فيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ("لَا تَسْتَطِيعُونَهُ") وفي رواية البخاريّ قال - صلى الله عليه وسلم - في الجواب:"لا أجده"، قال:"هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك، فتقوم، ولا تفتُر، وتصوم، ولا تُفطر؟ "، قال: ومن يستطيع ذلك؟ قال أبو هريرة: إن فرس المجاهد ليستنّ في طِوَله، فيُكتب له حسنات.
وأخرج الطبرانيّ نحو هذا الحديث من حديث سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، وقال في آخره:"لم يبلغ العُشر من عمله".
(وَقَالَ) وفي بعض النسخ: "قال" بحذف الواو، (فِي الثَّالِثَةِ)؛ أي: في المرّة الثالثة من مرّات السؤال ("مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ)؛ أي: المطيع، (بِآيَاتِ اللهِ)؛ أي: بتلاوة القرآن الكريم.