(مَا قُلْتُ) هو من كلام عمر - رضي الله عنه -، (فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ) يَحْتَمل أن تكون "من" بمعنى بعض، وَيَحْتَمل أن تكون زائدة، و"كان" فيهما تامّة، أو ناقصة، كما تقدّم توجيهه في أول الحديث. (جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (قَاعِدَيْنِ) منصوب على الحال، (يَبْكِيَانِ) جملة حاليّة، (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أي شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟)؛ يعني: أبا بكر - رضي الله عنه -، (فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ)؛ أي: تكلّفت البكاء (لِبُكَائِكمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ) بفتح العين، والراء مبنيًّا للفاعل؛ أي: أظهر (عَلَيَّ أَصْحَابُكَ)؛ يعني: أبا بكر، ومن مال إلى رأيه (مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ) بالبناء للمفعول، (عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ"، شَجَرَةٍ) بدل مما قبله، (قَرِيبَةٍ) بالجرِّ صفة لـ "شجرة"، (مِنْ نَبِيِّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) متعلِّق بقريبة، (وَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}) جمعٌ أسير، وأصل الأسر: الشدّ، والرَّبط، وقرأ أبو جعفر:{أُسْارَى}، قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: أُسَارَى، وأهل نجد يقولون: أَسْرَى في أكثر كلامهم، وهو أصوبها في العربية؛ لأنه بمنزلة جريح، وجَرْحَى، قال الزجاج: فَعْلَى: جمعٌ لكل ما أصيب به الناس في أبدانهم، وعقولهم، يقال: هالك وهَلْكَى، ومَرِيض ومرْضى، ومن قرأ:{أُسْارَى} فهو جمع الجمع؛ لأنَّ جَمْع أَسِير: أسرى، وجَمْع أسرى: أُسارى، قال أبو عمرو: أُسارى في الْقِدِّ، وأَسْرَى في اليد. انتهى (١).
({حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ})؛ أي: يُكثر القتل، والقهر في العدوّ، قال القرطبيّ: "الإثخان": إكثار القتل، والمبالغة فيه، ومنه الثخانة في الثوب، وهي: غِلَظه، وكثرة سُداه. انتهى (٢).
(إِلَى قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا}، فَأَحَلَّ اللهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ). {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} في قهر الأعداء {حَكِيمٌ} في عتاب الأولياء.
[تنبيه]: قال أبو العبّاس القرطبيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "المفهم": قوله تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ}[الأنفال: ٦٨]، فيها أربعة أقوال: