(فَقُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ الله، فَوَاللهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَفَدَى بِهَا)؛ أي: استنقذ بتلك المرأة (نَاسًا) اسم وُضع للجمع، كالقوم، والرهط، وواحده إنسان من غير لفظه، وهو مشتقّ من ناس ينوس: إذا تدلّى وتحرّك. (مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَانُوا أسِرُوا بِمَكَّةَ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: أَسَرهم المشركون من أهل مكة، ولفظ ابن حبّان:"فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة، وفي أيديهم أسرى من المسلمين، ففداهم بتلك المرأة، فكّهم بها"(١).
قال القرطبيّ - رحمه الله -: وقوله: "فبعث بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة، ففدى بها ناسًا من المسلمين" فيه حجَّة على أبي حنيفة، حيث لم يُجِز للإمام المفاداة، ولا الفداء بالأسير، وعند مالك: أن الإمام مخيَّر في الأسارى بين خمس خصال: القتل، والاسترقاق، والمنّ، والفداء، والاستبقاء، وذلك هو الصحيح، بدليل قوله تعالى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}[محمد: ٤]، ولأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فعل كل ذلك، فكان الأسارى مخصوصين من حكم الغنيمة بالتخيير. انتهى (٢).
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٤/ ٤٥٦٣](١٧٥٥)، و (أبو داود) في "الجهاد"(٢٦٩٧)، و (ابن ماجه) في "الجهاد"(٢٨٤٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٤٦ و ٥١)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(٦٢٣٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٤٨٦٠)، و (أبو عوا نة) في "مسنده"(٤/ ٢٤٣)، و (الرويانيّ) في "مسنده" (٢/