جملة من فعل وفاعل، ومبتدأ وخبر، فيحتاجان إلى جواب يَتِمّ به المعنى، وهو هنا قوله:"إذ قيل: إنه لَمْ يمت"(١).
وخلاصة القول في "بينما" أنَّها من الظروف الزمانيّة الملازمة للإضافة إلى الجملة، وهو هنا قوله:"هم على ذلك"، ولا بدّ لها من جواب، وهو هنا قوله:"إذ قيل .. إلخ"، والجواب هو العامل فيها إذا كان مجرّدًا من كلمة المفاجأة، وهي "إذ"، كما هنا، أو "إذا"، وإلا فالعامل معنى المفاجأة، كما هنا، والتقدير: فاجأهم قول الناس: إنه لَمْ يمت وقت قرب ارتيابهم، والله تعالى أعلم.
(هُمْ عَلَى ذَلِكَ) أي على حالهم من مراجعة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في شأنه (إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ) أي فقولهم: "وقد مات" ظنّ منهم (وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا) فيه تقديم خبر "لكنّ"، مع أن خبر "إنّ" وأخواتها لا يتقدّم على اسمها؛ لكونه جارًّا ومجرورًا، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" بقوله:
وقوله:"جِرَاحًا" بكسر الجيم: جمع جِرَاحة، قال المجد: جَرَحَه كمَنَعَهُ: كَلَمَهُ، كجَرَّحَهُ، والاسم الْجُرْحُ بالضمّ، جمعه جُرُوحٌ، وقَلَّ أَجْرَاحٌ، والْجِرَاحُ بالكسر: جمع جِرَاحة. انتهى (٢).
وعند أبي عوانة، وأبي نعيم في "مستخرجيهما": "ولكن به جرح شديد" بالرفع، وعليه، فـ "لكن" مخفّفة النون.
وقوله:(شَدِيدًا) صفة لـ "جِراحًا"، وإنما ذكّره مع أن "جِراحًا" جمع، فكان حقّه أن يقال:"شديدة" لعله باعتباره اسم جنس جمعيّ، يفرّق بينه وبين واحده بالتاء، كتمر وتمرة، فإنه يجوز تذكيره وتأنيثه، ونظيره قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}، حيث ذكّر {رَمِيمٌ} ومع كون جمع {الْعِظَامَ}، والله تعالى أعلم.
(فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ) الظاهر أن "من" اسم بمعنى "بعض"، وهو فاعل بـ "كان"، وهي تامّة بمعنى "جاء": أي فلما جاء بعض الليل، أو هي بمعنى: