قال الجامع عفا الله تعالى عنه: دخول "أن" المصدريّة في خبر "كاد"، جائز في سعة الكلام، وليس خاصًّا بالشعر، كما ادّعاه بعض النحاة، وقد كثر في الأحاديث، ومنه حديث عمر - رضي الله عنه -: "ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرُب"، متّفقٌ عليه، وحديث أبي بكرة - رضي الله عنه - قال:"لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيام الجمل بعدما كِدتُ أن الحق بأصحاب الجمل، فأقاتل معهم … "الحديث، أخرجه البخاريّ.
إلَّا أن الغالب في خبرها تجرّده عنها، كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}[البقرة: ٧١]، وقوله:{مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} الآية [التوبة: ١١٧]، وهذا بخلاف "عسى" فإنها، وإن كانت مثلها في كون خبر كلّ منهما مضارعًا في الغالب، إلَّا أن الغالب في "عسى" اقتران خبرها بـ "أن"، كقوله تعالى:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} الآية [المائدة: ٥٢]، وقوله:{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} الآية [الإسراء: ٨].
وإلى ما ذكرته من القاعدة أشار ابن مالك في "الخلاصة" حيث قال:
(فَبَيْنَمَا) هي"بين"الظرفيّة، زيدت عليها "ما"، وهيّأتها للدخول على الجملة، ويقال فيها:"بينا" بالالف فقط، قال المجد:"بينا نحن كذا": هي "بين" أُشبعت فتحتها، فحَدَثت الألف، و"بينا"، و"بينما" من حروف الابتداء (١)، والأصمعيّ يخفض بعد "بينا" إذا صَلَح موضعَهُ "بين"، كقوله: